قبل نحو شهرين كتبت في هذه الزاوية مقالاً بعنوان "الرياضة وتأثيرها كقوة ناعمة" بعد أن انتشرت شائعة شراء صندوق الاستثمارات العامة السعودي لمانشستريونايتد الإنجليزي، وتحدثت في المقال عن أهمية شراء مانشستر لأسباب عدة. اليوم وبعد أن أصبح الصندوق قاب قوسين أو أدنى من شراء نادي نيوكاسل الإنجليزي بمبلغ 300 مليون جنيه إسترليني، سمعت كثيراً من الآراء التي تتحدث عن الصفقة ما بين السلب والإيجاب، لذا سنتناول هذه الصفقة بتحليل مختصر ورأي خاص لكاتب هذه السطور. في البدابة ينبغي أن نعلم بأن أي مستثمر لديه أهدافه الخاصة من أي صفقة يشتريها وليست بالضرورة كل الصفقات تهدف للربح المالي السريع، فهناك أهداف استثمارية بعيدة المدى، ومن الأهداف أيضاً تنويع مصادر الدخل، كما أن هناك أهدافا سياسية وأهدافا اقتصادية غير مباشرة، وأهداف إعلامية، وأخرى رياضية، إضافة إلى الأهداف التجارية التي ستتحق إن عاجلاً أم آجلاً. نعود للصندوق السيادي السعودي الذي يملك السيولة ويبحث عن الفرص الاستثمارية، وفي الأزمات توجد الفرص، وهذا ما فعله الصندوق السعودي خلال أزمة كورونا، حيث أشارت كثير من المصادر العالمية إلى أنه استثمر في شركات متنوعة، كما وجد في نادي نيوكاسل استثمارا جيدا على الأصعدة كافة التي ذكرنا بعضها في الفقرة السابقة، فالقيمة المعروضة للبيع كانت 340 مليونا ليقتنصها الصندوق السعودي ب 300 مليون. إضافة إلى أن النادي الإنجليزي العريق الذي تأسس قبل 128 عاما، له تاريخ جيد مع البطولات حيث حقق 11 بطولة في تاريخه منها أربع بطولات في الدرجات الدنيا، ويملك ملعبا يتسع لأكثر من 52 ألف مشجع، فيما بلغت مداخيل النادي في الموسم الماضي 179 مليون جنيه، كما أن القيمة السوقية للفريق الكروي تبلغ 296 مليونا. وهذا يعني أنه بإنفاق 500 مليون جنيه إضافية سنشاهد فريق نيوكاسل مشاركاً في الدوري الأوروبي خلال موسمين إلى ثلاثة بالكثير وقد يبدأ في نفس الوقت بتحقيق البطولات إذا كتب الله له التوفيق، وهذا يعني أن المداخيل ستتجاوز 350 مليون جنيه، خلال ثلاثة مواسم، وستكسر حاجز 400 مليون خلال 4 مواسم بإذن الله، بشرط أن يكون هناك عمل تسويقي مميز، وكل سنة تمر سيزيد عدد اللاعبين المميزين في الفريق وسيرتفع المستوى الفني وترتفع المداخيل وبالتالي تعلو القيمة السوقية. ولو تمكن المسوؤلون في الصندوق من شراء نادي بلجيكي أو هولندي بمبلغ لن يتجاوز 5 ملايين يورو فإن هذا الشيء سيكون داعما فنيا كبيرا لنيوكاسل وبوابه مميزة لاحتراف اللاعبين السعوديين في أوروبا من مراحل مبكرة. والمميز أن المملكة ستسوق من خلال نيوكاسل لمشروعاتها الجديدة مثل نيوم والقدية إضافة إلى أرامكو والخطوط السعودية كشركات وطنية لديها طموح التوسع العالمي، حيث إن الدوري الإنجليزي يتابع في مليار منزل عبر 188 دولة حول العالم وهذا رقم كبير جداً، وعندما يستخدم الصندوق السعودي النادي الإنجليزي كمنصة يسوق لمشروعاته من خلالها فإن هناك كثيرا من الزوار حول العالم سيتجهون للسياحة في السعودية وهذا سيشكل دعما اقتصاديا كبيرا للبلد. أختم بأنه لا يوجد أي استثمار بمعزل من المخاطر، فهناك مخاطرة كما يروج البعض لكنها مخاطرة من وجهة نظري لا تتجاوز نسبتها 3 % لأنه من المستحيل أن يحجم المشجع الإنجليزي عن الحضور للملاعب لأنها ثقافة لديهم وترفيه لهم، كما أن القنوات لن تترك هذا الكنز الكبير (الدوري الإنجليزي) دون أن تتنافس على شراء حقوقة حتى ولو تأثرت القيمة بفيروس كورونا، ولن تتنازل الشركات الراعية عن الأندية الإنجليزية كمنصات تسويقية مهمة ومؤثرة. لذا أقول إن تمت فستكون صفقة ناجحة بكل المقاييس.