أيامنا مثل الركاب المقافي جيت أتلحّقهن وهن قوطرن أمس استطاع سكان الجزيرة قديماً حفظ بعض المعلومات الخاصة والعامة بهم مثل تاريخ الولادة أو السفر أو تغيير المكان فيما يمر عليهم من حوادث بيئية كالسيول والرياح العاصفة التي تترك أثراً كبيراً في حياتهم, كما في سنة الريح التي وقعت في عام 1382ه. في منطقة تبوك, أو خوارق طبيعية خارجة عن المألوف كالكسوف والخسوف ومنها كسفة أو غيبة الشمس التي حدثت في عام 1371ه، أو النزوح والسكن في أماكن مشهورة كالجبال المعروفة, أو بالأحداث الجسيمة مثل الطاعون أو وباء يكثر بسببه الموت. والتي تدل على ثقافة المجتمع, ومن الأحداث التي أرّخ بها سكان شمال غرب المملكة هي سنة (أبو ذيل) وهو عام وسِم بعدة أسماء بسبب أحداث كارثية تتالت على المجتمع فيه, إلا أن وسْم (أبو ذيل) أبرزها لغرابة الحدث مع حفظ باقي الأسماء لهذا العام لتأثر المجتمع الكبير فيما حصل لهم فيه. ففي عام 1368ه. 1945م. بدا لسكان منطقة تبوك في يوم قائظ حار وبعد العصر قبيل الغروب, وشاهدوا مرور نجم يتبعه دخان أو غبار طويل يشبه الذيل بالعين المجردة, مملوء بالأحجار والحصى, ووصف من شاهده ممن تجاوز عمره السبعين عاماً شكله المهيب, وذكروا ما أصاب الناس من ذهول شد أنظارهم نحوه بمنظره الذي سبّب الرعب في قلوبهم, حيث لم يتعودوا على مثل هذه الظواهر الغريبة, وظهر نجم أبو ذيل لهم بوضوح لقربه الشديد من الأرض وذكروا أنه اختفى مع مغيب الشمس حسب الروايات ومنها ما ذكرته سيدة تدعى ثريا كانت شاهداً على مروره. وتزامن عام (أبو ذيل) مع أحداث أخرى أصابت المجتمع وخلّفت له الآلام, يؤرخون بها محطات حياتهم العامة عن النسيان, ومنها اسم سنة (لوفه) ولاف: أي أخذ كل شيء, وسميت لوفه لشدة ما وقع في هذا العام على المجتمع من أحداث جسيمة بانقطاع المطر, وجفاف الآبار, وانعدام الماء, وجفاف الأرض, وانتشار الأمراض والأوبئة التي مات منها خلق كثير ومن المواشي أكثرها, ولم يعد الناس يملكون ما يبقيهم على قيد الحياة, ما حدا بأكثر سكان البادية للهجرة إلى الشمال, فتشتت السكان وكل حي قصد وجهة يرى أنه سيجد فيها البقاء فسمي هذا العام أيضاً بسنة (شتّه) نسبة للشتات الذي حصل للمجتمع, هربا من الفقر والجوع والموت, فقد انعدمت المواد الغذائية, لتوقف الموانئ العالمية عن الحركة التجارية بسبب الحرب العالمية الثانية, فانقطعت الأسواق عن امداد السكان بما يحتاجونه ويعتمدون عليه من أرزاق كما يسمونها مثل: الطحين والرز والقمح والحبوب والسكر والشاي فسمي هذا العام أيضاً بسنة (حشرة العيش) أي انقطاعه, ما أصاب المجتمع بفقر مدقع وموت محتّم عليهم. وفيها قال الشاعر حمدان بن عزّام: أيامنا مثل الركاب المقافي جيت أتلحّقهن وهن قوطرن أمس والضيف ما نعطيه غير العوافي واما العلوم الأوله ما لها رمس فأيده الشاعر محمد بن طليحة برد: والمحتدي في ايامنا تقل حافي والطور ظله ما يظلل عن الشمْس وين البيوت؟ ووين هيل الملافي؟ واقلبي اللي عقبهم منحمس حمْس أونس في قلبي مثل دق الاشافي كنّه طريح فراش ولا يداني اللمْس هنّيت خبلٍّ ما يعرف القوافي ولا يدري إن الست أكثر من الخمْس والمنبطح تسفي عليه السوافي مثل الذي يركض وغاشيٍ له الطمْس وبعد أن شبع الناس في هذا العام شتاتا وغربة وفقرًا وجوعاً وموتاً, جاء العام الذي تلاه أي 1369, فغشتهم الرحمة من رب العالمين, وعوض الله العباد بكثرة الخير, فهطلت أمطار وسْمية منهمرة لم تكد تنقطع, أدت إلى سيول عارمة, سالت بها الوديان, وارتوت منها الأرض بعد الجفاف, واكتست الأرض ربيعا ظهرت بوادر خيره على العباد, نبتت فيه جميع أنواع الأعشاب النافعة, وأزالت الغُمّة وأعادت الحياة للمنطقة بعودة الحركة التجارية للموانئ العالمية بعد توقف الحرب العالمية الثانية بالاستيراد والتصدير والتبادل التجاري للمواد الغذائية ومنتجات العالم, وانتعش السكان, وزادت نشاطاتهم, وخففت من أثار العام السابق الجسيمة التي عانى منها المجتمع, فوسموا العام بسنة (معيض) أي من العوض. تواريخ ِ} بظهور بعض المذنبات ِ} شدّوا الرحال من شدة القحط سنة لوفة انتشرت الأمراض والأوبئة