سر التقدم والإنجاز، شاحذ الهمم والأمم، أساس تفوق الفرد وسبب إصراره على النجاح وفهمه للحياة؛ بل هو المِجهر الذي يسبر من خلاله الإنسان أغوار الحياة ويرى في عتمتها نور الأمل، إذا فقدناه فقدنا المسؤولية واستشعار الأمانة والوطنية. إنَّه الوعي الذي تراهن عليه الدول اليوم في معركتها ضد المرض؛ وجميعنا في أمسِّ الحاجة إليه ونحن نواجه كورونا بكل طاقة بلادنا التي تبذل كل إمكاناتها بقيادة خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين - حفظهما الله - لجعلنا في منأي عن هذا التسونامي الذي اجتاح العالم وجعله على المحك في كافة شؤون حياته. نحنُ اليوم بحاجة لصياغة الوعي من جديد وبثّه عبر منابرنا الإعلامية لعل العقول المغيبة تتلقفه؛ فما نشاهده من بعض فاقديه اليوم يدعو للتحسر فبينما تخوض دولتنا معركة وطنية ويقوم أبطالنا في الميدان بالتضحية بأرواحهم من أجلنا؛ نجد فاقدي المسؤولية يعيشون في عالم آخر وكأنهم في كوكب غير كوكبنا يمارسون التبلد وعدم الإحساس بالحالة الراهنة رهنوا أنفسهم لرغباتهم ففضلوا الإثارة على الإيثار، والتهاون على التعاون، تحايلوا على القرارت من أجل الفلاشات والاستراحات، انجرفوا وراء الرغبة مهملين الحكمة، ونسوا أن الحياة في خطر إن لم يستشعروا الأمر. ولله دَرّ الشاعر عيسى جرابا حين قال: إِنْ لمْ نُرَبِّ الوَعْيَ فِيْهمْ حِكَمَةً لَفَظَتْهُمُ لُجَحُ التَّهَاوِي غَرْقَى بل وصل الحال ببعض مُحبي الضوء (وهم قلة ولله الحمد) أن يعرضوا أنفسهم على السنابات ناسين الاحترازات مُوغلين في انحدار الذوق ناسين كل الحقوق عارضين ما لم يعرض، بل ولم يفعل ويقبل من قبل. متى يحسُ هؤلاء المنغمسون في أهوائهم خطورة الأمر؟! ويدبُّ في ضمائهرهم الحذر؟! متى يفيقوا من إحساس البلادة؟! فالمواطن الواعي اليوم يعلم يقينًا أن ما تقوم به دولته من احترازات وخطوات جبارة هدفها الأول صحته وهذا يتطلب منه وعيًا كاملًا ومعرفة تامة تبدأ من حرصه على نفسه فكل مواطنٍ يبعد نفسه عن المرض هو يبعد أيضًا عائلته وأقربائه وأصدقائه ومجتمعه ووطنه؛ فهو ليس حرّاً اليوم في صحته فصحته تساهم في صحة مجتمعه، ومرضه يساهم في مرض وطنه (وَلا تُلْقُوا بأيدِيكُمْ إلى التَّهْلُكَة) ودولتنا اليوم تسابق الزمن لوقف المرض، ورفعت من مستوى طاقاتها وجندت كل رجالاتها ومؤسساتها لأجل سلامتنا وهي تعول كثيرًا على وعينا، وإحساسنا بالمسؤولية، ومدى التزامنا بقيمنا الدينية والأخلاقية والوطنية التي تحثنا على الوقوف صفًا واحدًا مع دولتنا في وجه المرض. أيها المواطن كن كما عهدك وطنك مسؤولًا محبًا، وفيًا له، وأفضل ما تقدم اليوم لوطنك هو أن تبقى في منزلك محافظًا على نفسك، مُساهمًا في نجاة جميع أفراد وطنك من هذا الوباء.