رحب وزير الطاقة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، بجميع المشاركين في الاجتماع الوزاري التاسع الاستثنائي لدول منظمة أوبك والدول الحلفاء من خارج أوبك في اتفاقية أوبك+ المنعقد إلكترونيا يوم الخميس بدعوة من المملكة إيماناً راسخاً منها بميكنة تجدد التفاوض والحوار وإعادة جدار الثقة مع تعاظم مسؤولياتها تجاه أمن الطاقة العالمي وقدرتها على احتواء عثرات سوقه النفطية وتقلباته الحادة بالعمل الجماعي الدولي المشترك والمناخ البناء من تفهم وجهات النظر وتكافئ الفرص، واستشعاراً من المملكة بأن الأزمات تخلق المعجزات. وأثنى سموه على مدى التزام دول التحالف المعنية باتفاقية خفض الإنتاج المشترك تجاه استقرار سوق النفط العالمية، لا سيما خلال هذه الأوقات الصعبة في ضوء التطورات الأخيرة المحيطة بجائحة تفشي وباء كورونا. وبحث الاجتماع السعي العاجل لحماية سوق النفط من الانهيار في ظل أزمة كورونا المدمرة والتوصل إلى اتفاق مطمئن حول خفض كميات أكبر من إنتاج النفط على مراحل مدتها سنتين بإجمالي 26 مليون برميل توزع حيث ستخفض المجموعة بين 10 و12 مليون برميل يومياً في مايو ويونيو، و8 ملايين برميل يومياً من يوليو حتى نهاية 2020، و6 ملايين برميل يومياً بدءاً من يناير 2021 وتمتد حتى أبريل 2022. ويبدو أن اقتراح التوصل إلى اتفاق غير مسبوق لمدة عامين، يشير إلى نية جادة لكبح جماح الإنتاج طالما استمر وباء الفيروس التاجي في إضعاف الطلب العالمي على النفط، بحسب «إنيرجي إنتيليجنس»، ومثلت المملكة وروسيا قوة مهيبة بصفتهما أكبر المنتجين في العالم اللتين تعاونتا في السابق على خفض إنتاج أقل بكثير لدعم أسعار النفط حتى انهار التحالف مارس الماضي. وأكد منتجو أوبك+ أن أي تخفيضات جديدة في الإنتاج يتفقون عليها ستكون مشروطة بإجراءات مماثلة من الدول التي لا تنتمي إلى الحلف بما فيها الولاياتالمتحدة التي تعد أكبر منتج ومستهلك للبترول في العالم. من جانبه دعا الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» محمد باركيندو، إلى اتخاذ «إجراء عاجل «لمواجهة الانهيار الأخير في الطلب على النفط الناجم عن أزمة الفيروس التاجي، وحذر باركيندو من أنه ما لم يتخذ المنتجون إجراءات حازمة ضد الوحش المتخفي فإإن الأزمة سيكون لها تأثير ساحق وطويل الأجل على صناعة البترول. وحملت كلمة أمين أوبك محمد باركيندو مضامين الأزمة وشدتها مشيراً إلى تغلغلها على مدى الأشهر القليلة الماضية في كافة مناحي الحياة مع إدراك حجم الإقفال التي بدأتها الحكومات في جميع أنحاء العالم من القيود المفروضة على السفر على نطاق واسع وإغلاق الأعمال والصناعة والتعليم والمجتمع في ظل الخسائر المأساوية في الأرواح وتأثر الاقتصاد العالمي. وأشار إلى أن سوق النفط قد فقد تماما أساسيات العرض والطلب منذ آخر اجتماع في 6 مارس الماضي، وحتى في الأسبوع الأول من مارس بدت التوقعات كئيبة نسبياً، ولكن في غضون شهر واحد فقط تغيرت بشكل يتجاوز كل الأعراف حيث غدت أساسيات العرض والطلب مرعبة بتجاوز حجم العرض الفائض المتوقع في السوق وخاصة في الربع الثاني الحالي. وقال «إن صناعتنا تواصل نزيفها دون إنقاذ وشهدنا بالفعل بعض عمليات إغلاق الإنتاج وإعلان إفلاس شركات وفقد ملايين الوظائف في حين أن البيانات والتحليلات التي قدمت وتتداول اليوم، تؤكد حجم التحدي الهائل الماثل أمامنا». وأشار إلى أنه وقبل شهر كان نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي المتوقع لعام 2020 بنسبة 2.4 %، واليوم كانت سالب 1.1 %، ملفتاً بإنه لأمر لا يصدق بأن الانكماش العالمي الحالي أكبر بكثير من الانكماش الضخم في 2008-2009. وفي أوائل مارس، كان النمو المتوقع للطلب العالمي على النفط في 2020 أقل بقليل من 0.1 مليون برميل في اليوم، ونتطلع اليوم إلى انكماش قدره 6.8 ملايين برميل في اليوم، مع اقتراب الربع الثاني وحده من 12 مليون برميل في اليوم، وتلك أرقام مذهلة لم يسبق لها مثيل في العصر الحديث. كما انخفضت توقعات نمو العرض من خارج أوبك في 2020 بأكثر من 1.5 مليون برميل في اليوم، على الرغم من أن هذا لا يقترب من انخفاض الطلب على النفط. ومن المرجح أن يشهد العالم المزيد من الخروقات في القدرة اللوجستية للسفن وخطوط الأنابيب والمحطات الطرفية ووحدات التجهيز، ومن الواضح أن سعة التخزين المتاحة تمتلئ بسرعة. وقيمت أمانة أوبك قدرة تخزين النفط العالمية المتاحة بأكثر من مليار برميل، وبالنظر إلى عدم التوازن الحالي غير المسبوق في العرض والطلب، يمكن أن يكون هناك حجم زائد هائل قدره 14.7 مليون برميل في اليوم في 2020 ومن شأن هذا العرض الزائد أن يضيف 1.3 بليون برميل أخرى إلى مخزونات النفط الخام العالمية، ومن ثم يستنفد القدرة العالمية المتاحة لتخزين النفط الخام في غضون شهر مايو. وشدد باركيندو بأنه يتعين على جميع المنتجين أوبك، وأوبك+ والدول المنتجة الأخرى التي أخذت على عاتقها الانضمام بمسؤولية إلى اجتماع (اليوم)، أن يتذكروا الاختلال الحاد في السوق 2014-2016. فقد كان ذلك عندما خسر منتجي النفط تريليونات الدولارات من الإيرادات الضائعة، وفقد أكثر من تريليون دولار على الصعيد العالمي من حيث الاستثمار. ومن المحتم أن نتخذ إجراءات عاجلة لمصلحة المنتجين والمستهلكين وهذا لا يعني أن أي دواء سيكون سهلا، وتتطلب هذه الأوقات الصعبة مرونة والتزاما لا مثيل لها.