ليس هناك يقين عن الطور الذي سوف تتخذه الدورة الاقتصادية في العالم الصناعي. ففي حال تمت السيطرة على الوباء بسرعة جراء الجهود الحكومية، فإن القطاعات المتضررة بالجائحة سوف تعاود نشاطها بسرعة - وأن الركود سوف يكون قصير الأجل - وذلك كما هو في الحرف الإنجليزيV. فالأمل أن تسير الأمور وفقاً لهذا السيناريو المتفائل - هبوط سريع يعقبه صعود سريع، أو على الأكثر مثل الحرف الإنجليزي U - أي أن الركود الاقتصادي لن يستمر فترة طويلة. فالخوف كل الخوف أن تكون كرونا قد جاءت لتسارع في دفع الاقتصاد العالمي نحو الهاوية التي اقترب منها قبل مجيء كورونا. وبالتالي، فإن الجائحة تكون في هذه الحالة عاملاً مسرعاً لدفع الاقتصاد العالمي إلى المكان الذي يفترض أن يصل اليه، أي الكساد - وبالتالي فإن معاودته النمو لن تتم بسرعة كما يوضح ذلك الحرف الإنجليزي L - إذ سوف يمكث في القاع فترة طويلة قبل أن يعاود الصعود L J. وبغض النظر عن السيناريوهات أو التسميات المشار اليها، فإن حدوث كساد عالمي مماثل لعام 1929، أمر صعب تصديقه. والسبب يعود إلى أن الدورة الاقتصادية في نهاية العشرينات كانت هي المحرك لهبوط وصعود الاقتصاد من البداية إلى النهاية. أما الآن فإن الدورة الاقتصادية لا تعمل - فهي معطلة بسبب التدخلات الحكومية في الاقتصاد. فالصين ليست الدولة الوحيدة التي يوجه فيها القطاع الحكومي الاقتصاد، فهذا التدخل موجود في كافة البلدان الصناعية - رغم اختلاف الوسائل. فحزم التحفيز المالي الضخمة التي تمت خلال الفترة الماضية في الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي والصينواليابان هي التي جعلت الديون في هذه البلدان تتراكم إلى أرقام فلكية، حيث تصل في الولاياتالمتحدة وأوروبا إلى 383 % من الناتج المحلي الإجمالي. أما في الصين فإن هذا المؤشر وصل إلى 310 %، وفي اليابان 238 %. وما يجعل هذه الديون خطرة على الاقتصاد هو كونها ديوناً ناجماً معظمها عن طباعة أوراق نقدية غير مغطية. ولذلك، فإن هذه الدول تصدر التضخم إلى العالم عندما تشتري بهذه الأوراق الفاضية كل ما تحتاجه من السوق العالمية. إن ارتفاع حجم الديون وطباعة النقود كلها تصب في خانة التدخل الحكومي من أجل لي عنق الدورة الاقتصادية ومنع حدوث كساد عظيم مماثل لما حدث عام 1929. ولكن، من غير المعرف ما إذا كانت جهود الدول الصناعية سوف تنجح أو تفشل هذه المرة في منع الدورة الاقتصادية. فمن الواضح إن الأمور تغيرت عما كانت عليه عام 2008. فالحكومات الآن في حالة حرب على جبهتين كورونا والاقتصاد.