لم يكن العالم آمناً منذ تولّى الحفاظ على عهدته ذلك الكائن الإنسان، فقد جرده هذا المخلوق النزق، العجول، المغرور من قشوره ولبه ومحتواه، وأصبح يفقد من سجل عهدته يوميا بالانقراض عددا كبيرا من حيواناته، وبشره ولغاته، ونباتاته، وذاكرته الحية، مما يعد إخلالاً واضحاً بالأمانة الموكلة إليه سيدا على هذا الكوكب دون منازع. إننا وبالنظر إلى السجل الفاضح الذي يؤرخ لتعدي الإنسان على هذا الكوكب نؤكد ويؤكد كل من له رأي من أفراد هذا الجنس، أن هذا الكوكب لم يعد آمنا في عهدة هذا المخلوق الذي يتصف بالنقص في المخيلة، وعدم القدرة على الاستباق في الحلول. أما تلك المحاولات التي يبديها في معالجة تعدياته على جميع البيئات التي يتفاعل معها، فهي تزيد الأمر سوءاً وتعيد الأمور إلى النقطة الصفرية السالبة التي وصلت إليها الأمور انحدارا وسوء مآل. لقد بدأ هذا الكوكب تمرده على الإنسان منذ فترة طويلة في صورة محاسبية صغرى تتطور في الحجم والتبعات من زمن لآخر في منحنى طردي مع حالة الغرور واللامبالاة لهذا الكائن زيادة وانخفاضا، ذلك المنحنى الذي جعل البشرية تدفع الثمن مضاعفاً بالأوبئة والحروب والظواهر الطبيعية في كثير من عصور التاريخ وحياة الإنسان. وفي وقتنا هذا يأتي فيروس كوفيد 19 كحالة من حالة الاحتجاج الكبرى والاستثنائية التي تقدمها رئة هذا الكوكب التي سممناها طويلا لتقديمه وبصورة مباشرة لرئة الإنسان المعتلة أصلا من باب المعاملة بالمثل في إنذار كبير ومؤثر سيعيد ترتيبات كوكبنا بما يتناسب وكل الكائنات التي تتشارك مصيرها مع الإنسان الذي انفرد بالحلول كثيرا ففسد وأفسد. من يدري قد تكون هذه فرصة من الفرص التاريخية لعودة الإنسان إلى حالة الإعمار لا الدمار، وستكون هذه الفرصة مشروطة ولاشك بحسن سيرة وسلوك هذا الكائن العجيب. من يدري لعل وعسى أن يؤوب إلى رشده فتُغفر زلاته بعد هذه الغضبة الكبرى للحياة.. * مدير تعليم صبيا