عطست الصين فأصيب العالم بالحمى، أزمة مفاجئة ضربت العولمة والاقتصاد العالمي في القلب وأوقفت الحياة، بدأت بسبب أكِلِ "الخفاش الني" وانتشرت إلى أنحاء العالم، تجاوزت وفيات الوباء 5 % من الإصابات المستمرة بالزيادة فوق سقف المليون إصابة، وفي الجانب المادي، تشير التقديرات إلى تكلفة تزيد على 2.7 ترليون دولار فضلاً عن الخسائر غير المباشرة والدعم الحكومي في كل اقتصادات العالم. وقعت جميع الأزمات السابقة للاقتصاد العالمي وأخرها أزمة الرهن العقاري عام 2008 بسبب الانخفاض الحاد في الطلب أو الهبوط في العرض وهو ما جعل الحلول أسهل لصناع القرار حيث يتم تطبيق قائمة من الإجراءات الاقتصادية المعدة مسبقاً لمواجهة التحديات بغرض تحفيز العرض أو تنشيط الطلب. الأمر فعلاً مختلف في هذه الأزمة بسبب انهيار العرض والطلب في وقت واحد وبسرعة حادة مما وضع دول العالم أمام تحدٍ استراتيجي من نوع خاص لإنقاذ اقتصاداتها من آثار الوباء، وهو ما يتطلب تطبيق حلول ابتكارية اعتماداً على نوع وهيكلة الاقتصاد وتشخيص مستوى تأثير انخفاض التدفقات النقدية لقطاعات الأعمال وبالتالي العمل على تخفيف آثار الأزمة مع التركيز على القطاعات الأقل مرونة لتلك التحديات، يلزم أن يحدث ذلك بشكل ديناميكي بالتوازي مع الجهود الصحية لمواجهة انتشار الفيروس واتساع تأثيرة على الناس والاقتصاد، والحقيقة المزعجة أن الحلول الاقتصادية مهما كانت قوية وذكية فلن تكون حلولاً نهائية للأزمة إلا بالقضاء على الوباء. ما قبل كورونا لن يكون كما بعدها، فقد ذكرتنا هذه الأزمة بأهمية العِلم كطوق نجاه للبشرية ثم إعادة ترتيب الأولويات الحقيقية للحياة "أولوليات البقاء" ليكون قطاع الأمن والصحة والتموين والوعي الاجتماعي أول المجالات التي يجب أن تأخذ حقها من الاهتمام والأولوية الاستراتيجية.