مع توقّف شركات الطيران العالمية عن العمل بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد، يرى محللون وخبراء أن شركات النقل الجوي في الشرق الأوسط ستدفع الثمن غاليا، وهي تأمل بالحصول على مساعدات مالية عاجلة من الحكومات التي تعاني بدورها من صعوبات بسبب انخفاض الإيرادات. وقامت حكومات دول الخليج ودول أخرى في المنطقة باتخاذ اجراءات صارمة للحد من تفشي الوباء، بينها إغلاق المطارات، ما أدى إلى توقف حركة النقل الجوي حتى في مطارات ضخمة مثل دبي وأبوظبي. ودعا الاتحاد العربي للنقل الجوي والاتحاد الدولي للنقل الجوي إلى مساعدات مالية عاجلة من الحكومات، وحذر من أن عدم القيام بشيء سيعرض مستقبل قطاع النقل الجوي للخطر. وقال رئيس الاتحاد الدولي للنقل الجوي ألكسندر دو جونياك إن «قطاع النقل الجوي يواجه أسوأ أزمة.. بالنسبة لشركات الطيران، هذه نهاية العالم الآن». وكانت شركات الطيران العالمية انتقدت بشدة في وقت سابق شركات الطيران في الشرق الأوسط لحصولها على دعم رسمي من حكومات تعتمد على إيرادات النفط، بدعوى تقويض المنافسة الحرة. وتسبب انتشار فيروس كورونا المستجد بوقف أساطيل جوية إقليمية بأكملها عن العمل، وأيضا بانهيار أسواق الطاقة العالمية مع انخفاض الطلب. ومع انخفاض أسعار النفط، قدّرت مؤسسة «كابيتال اكيونوميكس» الاستشارية أن ينكمش اقتصاد المنطقة بنسبة 1,7 % هذا العام، وسيكون أسوأ انكماش منذ نحو أربعة عقود، ما سيقوض قدرة حكومات المنطقة على مواصلة تمويل شركات الطيران الوطنية. تخفيف الأعباء ودعا الاتحاد العربي للنقل الجوي الذي يمثل نحو ثلاثين شركة طيران عربية عامة وخاصة، كذلك إلى اعتماد إجراءات هدفها «تخفيف الأعباء على شركات الطيران». وبين هذه الإجراءات إعفاءات ضريبية والإعفاء من رسوم المطارات والمساعدة في تكاليف إضافية متعلقة بمنع انتشار الفيروس. وأكد الاتحاد العربي في بيان أنه «من المهم للغاية أن تتبنى الحكومات العربية الإجراءات أعلاه لتجنب سيناريو عدم تمكن شركات الطيران من خدمة المسافرين بشكل مناسب». وحذر الاتحاد من أن عدم القيام بشيء سيؤدي إلى «انخفاض في خيارات السفر للركاب عندما ينتهي وباء فيروس الكورونا ويعود النقل العالمي إلى طبيعته». كما دعا الاتحاد الدولي للنقل الجوي إلى مساعدات مالية عاجلة لشركات الطيران المتضررة. ويتوقع الاتحاد الدولي «اياتا» الذي يمثل 290 شركة طيران في العالم، أن تنخفض عائدات 2020 لشركات الطيران في الشرق الأوسط التي تشغل أكثر من 1300 طائرة، بمقدار 19 مليار دولار، في تراجع بنسبة 39 % عن العام الماضي. وسيعرض هذا 800 ألف وظيفة للخطر، وقد يؤدي إلى خسارة عشرات ملايين المسافرين هذا العام. تكاليف أقل ولا تزال الخطوط الجوية القطرية، ثاني أكبر شركة طيران في المنطقة، تسيّر طائرات رغم الأزمة، ولكن بمعدل 40 % فقط من الحركة العادية. وأكد تيري انتينوري، كبير مسؤولي الاستراتيجية والتحول في الخطوط الجوية القطرية، لوكالة فرانس برس «قمنا بتعديل العمليات. ما زال هناك طلب يتعلق بإعادة (الأشخاص)» العالقين في دول معينة، واصفا استمرار شركته بالعمل ب»شريان الحياة الأخير» للكثير من الناس. ورفض انتينوري التعليق على احتمال إلغاء وظائف، ولكنه أشار إلى أنه تم عرض إجازات دون رواتب على الموظفين. ولجأت شركات طيران أخرى إلى إجراءات لخفض التكاليف دون تأخير. وبالإضافة إلى الإغلاق المحتمل، من الممكن أيضا إلغاء طلبات شراء طائرات في المنطقة تقدّر قيمتها بمئة مليار دولار. وأكد نائب رئيس إياتا لمنطقة إفريقيا والشرق الأوسط محمد البكري لفرانس برس أنه «في حال عدم تأمين دعم حكومي، ستضطر شركات الطيران إلى إلغاء الطلبات». وكانت مجموعة «طيران الإمارات»، وهي أكبر شركة طيران في المنطقة، أعلنت أنها ستقوم بخفض الرواتب الأساسية «موقتا» بنسب تتراوح بين 25 % و50 %، لغالبية العاملين فيها لفترة ثلاثة أشهر دون إلغاء الوظائف. و «طيران الإمارات» ومقرها دبي، واحدة من شركات الطيران القليلة في المنطقة التي أعلنت عن أرباح، ولكن أرباحها الصافية تراجعت في السنوات الأخيرة بفعل التباطؤ الاقتصادي. وسجل عدد من 19 شركة طيران عربية مملوكة من الحكومات خسائر في السنوات الأخيرة، ما دفع الحكومات إلى سد الفجوة.