ألهب تزايد تفشى الفيروسات التاجية المستجدة أسعار المنتجات البتروكيميائية التي تدخل في إنتاج المواد والمستلزمات الطبية والعلاجية، ولا سيما الأجهزة التنفسية والكمامات والمعقمات والإبر الوريدية وكافة المنتجات المتعلقة بمعالجة ومكافحة جانحة كورونا التي تشهد طلباً ساحقاً في سوق المستهلك النهائي. ومع تأكد انتعاش الطلب حتى نهاية العام في ظل إصدار الشركات الطبية عدة أوامر توريد طاقات أكبر لمقابلة شدة الطلب ونفاذ المخزونات، تعكف من جهتها المصانع الطبية بتوفير المنتجات اعتماداً على وفرة المواد الكيميائية الوسيطة من شركات البتروكيميائيات الكبرى في العالم التي تواجه هذا العدد الكبير من الطلبات التي تم إخبار الموزعين أنها ستبقى دون مراقبة بسبب الحاجة الملحة لتوفير الرعاية الصحية والاستجابة الحكومية بشكل مباشر. وارتفعت أسعار المواد الكيميائية التي تستخدم في تصنيع المستلزمات الطبية مثل الحقن والقسطرة والأسرة والملابس الواقية وسط طلب كبير يتعلق بتفشي كورونا، وحتى في الحالات التي قد يختار فيها منتجو السلع النهائية عدم زيادة الأسعار، من المرجح أن ترتفع تكاليف الأجهزة الطبية حيث قد يقوم الوسطاء على طول السلسلة برفع الأسعار بمفردهم. وكان بعض منتجي البوليمرات الفلورية التي تشكل النواة لإنتاج الأجهزة الطبية، قد رفعوا الأسعار بالفعل في بعض الحالات، بنسبة 20 ٪ أو أكثر، قبل شهرين من تفشي الفيروس التاجي. وقالت شركة إيستمان للكيميائيات في 28 فبراير 2020 إنها رفعت أسعار الكحوليات المستخدمة في الملدنات اعتباراً من 15 مارس في كل من أميركا الشمالية واللاتينية. وقالت: إن أسعار «الإيثيل هيكسانول2» لجميع العبوات والدرجات، ارتفعت بزيادة 0.05 دولار للرطل، بينما سترتفع أسعار «حمض الإيثيل هيكسانول2» بنفس المقدار، حيث تسمح العقود، بينما يتم استخدام جميع إنتاج «الإيثيل هيكسانول2» تقريبًا كمؤشر لإنتاج التجهيزات الطبية بما فيها الأنابيب الطبية وعبوات نقل الدم وتخزينه ولأنابيب الوريدية والأنفية المعوية والقسطرة. ويتم إنتاج «الإيثيل هيكسانول2» من البروبيلين، وهو منتج مشترك من الإيثيلين يتم الحصول عليه من خلال التكسير البخاري للإيثان، أو من خلال نزع الهيدروجين من غاز البروبان. أما «حمض الإيثيل هيكسانول2» فيمكن استخدامه في المواد اللاصقة ومستلزمات المعامل والمنتجات الشبيهة بالمطاط، كما أنه محفز لرغوة «البولي يوريثين» وهي التي تصنع منها المراتب، بما في ذلك أسرة المستشفيات، من بين الاستخدامات الأخرى. وجاءت هذه الزيادة في الأسعار على الرغم من انخفاضات أسعار الإيثان في الأشهر السابقة بنسبة 40 ٪ تقريبًا في 2019. وقالت شركة باسف الألمانية ومقرها الولاياتالمتحدة: إن الأسعار في أميركا الشمالية لمنتج «البيوتانديول» ومشتقاته ستزيد في 1 أبريل 2020، بمقدار 6 سنتات للرطل في حين سوف يكسب «التتراهيدروفوران» 8 سنتات للرطل، و»الميثيل بيروليدون» 6 سنتات للرطل، و»البولي تتراميثيلين الأثير جليكول» ترتفع 8 سنتات للرطل. وقالت الشركة إنها تستخدم «البيوتانديول» ومشتقاته في إنتاج البلاستيك الهندسي، والبولي يوريثين، والمذيبات، والألياف المطاطية المرنة، بالإضافة إلى الفرش في المستشفيات. وتشمل التطبيقات الطبية الأخرى من «البولي يوريثين» القسطرة، الأنابيب للأغراض العامة، والستائر الجراحية والضمادات، فضلاً عن الأجهزة المصبوبة بالحقن. فيما تمثل الاستخدامات للمرة الواحدة الأكثر شيوعاً للمعدات المصنوعة من «البيوتانديول» وتستخدم في الأغراض الطبية للعزل والضمادات بأنواعها والقفازات اليدوية والجراحية. وبلغت مبيعات شركة ياسف، التي تضم أكثر من 18,800 موظف في أميركا الشمالية، قيمة 18.4 مليار دولار في 2019. وقد عالجت بشكل تقليدي «البيوتانديول» من الأسيتيلين، والتي بدورها يتم الحصول عليها من الغاز الطبيعي. من جهتها، كانت شركة دايكن أميركا، وهي مورد لمنتجات البوليمرات الفورية والمنتجات الكيميائية الفلورية للصناعة الطبية، قد زادت أسعار منتجاتها في سبتمبر قبل بزوغ الأزمة، بنسبة تصل إلى 20 % أو أكثر، في بيان صحفي صدر في يوليو 2019. ويتم استخدام البوليمرات الفلورية لتصنيع الأجهزة الطبية مثل القسطرة وتطبيقات الأنابيب لأغراض تشمل توصيل الأدوية عن طريق الوريد للمرضى، كما أنها تستخدم لصنع بطانات غطاء الأدوية في حاويات الأدوية. وقالت الشركة في ذلك الوقت: إن الزيادات التي نفذت قبل خمسة أشهر ضرورية لتبرير الاستثمار المستمر والجديد، كما يتم استخدام البوليمرات الفلورية في الأجهزة الطبية التي يمكن زرعها جراحيًا لزيادة عمر الغرسات، مما يقلل من احتمالية الإصابة والجراحة الغازية. وقالت: إنه بالإضافة إلى الأسلاك المرشحة والفلاتر، فإنها تستخدم أيضًا في المضخات الطبية. ويعتمد حوالي 100 مليون دولار في النشاط الاقتصادي المتعلق بالرعاية الطبية والطوارئ على البوليمرات الفلورية، وفقًا لمعلومات صادرة عن مجلس الكيمياء الأميركي. ويتيح العمل النهائي الذي توفره البوليمرات الفلورية ما يصل إلى 356 ألف عامل في أنشطة العمل المتعلقة بتصنيع الأجهزة الطبية. وتزايد الطلب على المستلزمات الطبية الجاهزة، وأبلغت شركة «أم 3» أنها تتوقع أن يتجاوز الطلب على الإمدادات الطبية حجم المعروض في المستقبل المنظور، وفقًا لبيانها الصحفي في 19 مارس 2020، ويعمل مصنع أبردين، ساوث داكوتا على مدار الساعة لصنع أجهزة التنفس الطارئة بأزمة كورونا. وقالت الشركة على الرغم من أنها لم تغير الأسعار التي تفرضها على أجهزة التنفس نتيجة تفشي الفيروس التاجي، إلا أنه لا يمكنها التحكم في الأسعار التي يتقاضاها التجار أو تجار التجزئة الآخرين. وأشارت إلى أن قدرتها الإنتاجية مكرسة لتوفير الرعاية الصحية والاستجابة الحكومية في حالات الطوارئ، ونتيجة لذلك، تم إبلاغ الموزعين بأنه يتم إعطاء الأولوية للمستشفيات. وبالمثل، قالت شركة «دوبونت»: إن الطلب الحالي على المنتجات الطبية مثل الملابس الواقية أدى إلى جهود على مدار الساعة في جميع أنحاء العالم لزيادة السعة الإنتاجية وفقاً لبيان صدر في 16 مارس، وتقوم الشركة بترتيب أولويات احتياجات العاملين في مجال الرعاية الصحية وتوفر الإمدادات مباشرة. وتأتي الزيادات في المواد الكيميائية في وقت انخفضت فيه أسعار النفط الخام، وتم تداول العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط لشهر أبريل بقيمة 25 دولارًا للبرميل، منخفضة من حوالي 60 دولارًا للبرميل في نهاية العام 2019. وأظهرت أسعار البتروكيميائيات لمنتجات مثل الراتنجات البلاستيكية ارتباطًا تاريخيًا بأسعار الهيدروكربونات. يشار إلى أن شركة «سابك» تحتل المرتبة الثانية في العالم في صناعة المنتجات الكيميائية البلاستيكية المتخصصة وتمثل إحدى وحدات العمل الاستراتيجية للشركة وتشمل تصنيع وتوزيع وبيع البلاستيكيات المتخصصة التي بلغ حجم إنتاجها 172 ألف طن متري في 2018 وحجم مبيعات بقيمة 631 مليون دولار.