كما كانت أرضنا مهبطاً للوحي ومبعثاً للرسالة، فهي كذلك منبع للسلم وقلب الإنسانية النابض في مختلف الظروف التي مرت وتمر بها الإنسانية.. الإنسانية بمعناها الأشمل والأوسع دون أن يكون للدين أو الحدود حاجز أو مانع لامتداد اليد السعودية الحانية لتقديم الخير والبر والعطاء لكل إنسان بصرف النظر عن دينه أو لونه! هكذا هي المملكة العربية السعودية كما عبر عنها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - يحفظه الله - أمام اجتماع قادة دول مجموعة العشرين الاستثنائية الافتراضية التي رأسها – أيده الله يوم الخميس الماضي. الملك: الإنسان أولاً فضل بن سعد البوعينين «اقتصادي» قال: جسدت كلمة خادم الحرمين الشريفين خلال رئاسته للقمة الاستثنائية الافتراضية لقادة دول مجموعة العشرين، اهتمام المملكة البالغ في خدمة الإنسانية والعمل على حماية البشر من الأزمات؛ وحشد الجهود الدولية ودعمها لمواجهة جائحة كورونا والحد من تداعياتها الإنسانية والصحية والاقتصادية والإنسانية. الإنسان أولاً؛ هو الإطار العام لكلمة الملك سلمان؛ وهي الرسالة السامية التي يحملها قائد الأمة وتترجمها المملكة بكل أبعادها الإنسانية. وتابع فضل: إنسانية كلمة الملك سلمان برزت أيضاً في حرصه على الدول النامية ووجوب تقديم الدعم لها لمواجهة التداعيات الصحية والاقتصادية ودعم البنى التحتية؛ وهو موقف ثابت للمملكة تستنسخه قيادتها في كل نازلة ولعلي أشير إلى مبادرة دعم الدول الفقيرة التي اتخذتها المملكة العام 2008 في واشنطن حين الأزمة المالية العالمية. فركزت كلمة الملك سلمان على وجوب الاستجابة العالمية لمواجهة الأزمة الإنسانية ووجوب دعم منظمة الصحة العالمية وتمويل برامج اكتشاف اللقاحات والأدوية، وفي الجانب الاقتصادي ركزت الكلمة على تعزيز الثقة بالاقتصاد العالمي واستعادة التدفق الطبيعي للسلع والخدمات وأهمية العمل الموحد لمعالجة التداعيات الاقتصادية للأزمة. ومن المهم الإشارة إلى ان مخرجات القمة توافقت في عدة جوانب مع التوصيات التي جاءت في كلمة الملك سلمان ما يؤكد الرؤية العالمية التي تنظر القيادة من خلالها للأحداث الدولية؛ وقدرتها على طرح المبادرات والتوصيات الشمولية والمهمة لحماية الإنسانية والاقتصاد العالمي. تكاتف عالمي وجهوداً أكبر الأستاذ طلعت زكي حافظ «كاتب ومحلل اقتصادي» قال بأن الكلمة الضافية التي ألقاها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – يحفظه الله – في القمة الاستثنائية الافتراضية لمجموعة دول العشرين كانت حانية في المقام الأول عندما قدم عزاءه وعزاء شعب المملكة العربية السعودية لمن فقد أحبابه في الأزمة الصحية العالمية، وأيضاً لفت الانتباه إلى ضرورة توجه لمساعدة الدول الأكثر حاجة وتضرراً وبالذات الدول النامية والفقيرة على مستوى العالم التي هي بحاجة إلى الدعم والمؤازرة في هذه المحنة العالمية الصعبة. واستطرد حافظ بالقول: بلا شك أن خادم الحرمين الشريفين في كلمته هناك تركيز واضح فيما يتعلق بمطالبته المجتمع الدولي وعلى وجه الخصوص دول مجموعة العشرين بالتكاتف كونها تمثل الثقل الاقتصادي العالمي لأكثر من 80 % من الناتج الإجمالي للعالم، وتمثل أكثر من ثلثي سكان العالم، وأكثر من 80 % التجارة العالمية، وأكثر من 80 % من حجم الاستثمارات العالمية، وهذا يتطلب جهوداً وتكاتف ولا يمكن لدولة في هذه المحنة أن تقف بمفردها لمواجهة هذه الجائحة المريرة التي ربما لم يعهدها العالم مذ أن وجدت الخليقة على وجه البسيطة، فقد مرت جائحات ومصائب وفيروسات ولكنها كانت لم تكن بهذا الواقع المرير والمؤلم لسرعة انتشار الفايروس بطريقة عجيبة بين البشر، فكلمة الملك كانت ضافية وتحمل بين حروفها التي تسطر بماء من ذهب العديد من الجوانب الإنسانية فوق كل اعتبار وبعدها الاعتبارات الاقتصادية وكيف للعالم أن يستعيد نفسه صحياً ونفسياً، وأن تزول هذه الغمة عن العالم في أقرب وقت إن شاء الله، وكما أشار إلى أهمية تكاتف جهود الدول وبالذات دعم منظمة الصحة العالمية وأيضاً الصناديق الدولية التنموية والبنك الدولي، والدعم لمنظمة الصحة العالمية لوضع تدابير صحية عالمية، وأشار رعاه الله إلى أن تضاف الجهود في هذه الأوقات الحرجة مطلوب على كافة الصعد. المملكة والمبادرات الدكتور عبدالله الفايز «مستشار تخطيط اقتصادي» قال بأن كلمة الملك جاءت في وقت حرج ومرحلة مفصلية في تاريخ الدول، كما أنها عكست الدور القيادي للمملكة وتطلعاتها نحو هموم الشعوب التي تعاني من الأزمات الاقتصادية ثم الصحية ومنها هموم الدول النامية والتي تتطلع إلى مجموعة العشرين التي أهم أهدافها حل مشكلات اقتصاديات الدول النامية. فجاءت الكلمة كرسالة موجهة للضمير العالمي لحماية الاقتصاد العالمي، وشحذ الهمم لمواجهة الجائحة التي شلت العالم من جميع جوانبه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، فتكون المملكة بذلك قد قامت بأكثر مما هو مطلوب منها كواجبها كرئيسة لهذه الدورة لمجموعة العشرين، حيث أوضحت الأبعاد الخطيرة والتي يجب العمل عليها كفريق واحد لمواجهتها وتجنب سلبياتها وأضرارها. وأضاف د. عبدالله أن خادم الحرمين الشريفين طرح مبادرات المملكة بالعمل مع الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات لاتخاذ كل الإجراءات اللازمة لاحتواء انتشار فايروس كورونا المستجد وضمان سلامة الأفراد. ودعم المملكة الكامل لمنظمة الصحة العالمية في تنسيقها للجهود الرامية إلى مكافحة هذه الجائحة. ورأى الفايز في كلمة الملك بأنها جاءت في مرحلة غاية في الأهمية، خاصة أن المملكة لها دورها القيادي في الاقتصاد العالمي وما تبذله من محاولات لاستقرار أسعار النفط، وكمحركة لمجموعة أوبك بالرغم من الصراعات الحالية. واحترام الاتفاقيات الدولية ودعمها وتمويلها وتبرعها الدؤوب للدول النامية. وانها أثبتت للجميع بأن المملكة حاملة لشعلة القيادة لمجموعة العشرين في هذا الوقت الحرج، على قدر المسؤولية التي أعطيت لها، وأنها لامست وشخصت بصورة دقيقة أهم القضايا الحالية والمستقبلية والتي هي محط اهتمامها أولاً وأخيراً، وليس فقط كقائدة لمجموعة العشرين ولكن للمجتمع الدولي. تحدد عالم ما بعد كورونا الدكتور مشاري النعيم «كاتب» وصف كلمة خادم الحرمين الشريفين بأنها تمثل بياناً عالمياً ليس فقط لمواجهة جائحة كورنا كوفيد 19 بل تحدد ملامح عالم ما بعد كورنا. وأضاف: بناء تحالف عالمي لمواجهة الأزمات يحتاج إلى أن تقوم الدول الكبرى بدورها، كما يحتاج إلى نيات صادقة وإيمان حقيقي بأن هذه المسؤولية هي مسؤولية هذه الدول والمملكة واحدة منها، والتوازن في كلمة الملك بين العمل مباشرة لمواجهة الجائحة والدعوة إلى تأسيس تجمع علمي بحثي للعمل على مواجهة الأوبئة البيولوجية المستقبلية يؤكد النظرة البعيدة لخادم الحرمين. كما أن الكلمة أكدت كذلك على أهمية إعادة الاعتبار للأسواق العلمية وأيدت الإجراءات التي اتخذتها الدول من أجل استمرار تدفق البضائع وعودة الأنشطة التجارية لسابق عهدها، فالكلمة تؤسس لمفهوم عالمي جديد قائم على المشاركة والالتزام.