رد الرئيس الأميركي ترمب الخميس الماضي على سؤال وجهه أحد الصحفيين عن انهيار أسعار النفط، بأن تراجعها يضر بصناعة النفط الأميركية ولكنه يخدم المستهلكين الأميركيين وسوف يتدخل في الوقت المناسب، كما ناشد 13 نائبا جمهوريا أميركيا الأسبوع الماضي المملكة بخفض إنتاجها لاستقرار أسعار أسواق النفط بعد انهيارها ولكنهم لم يقدموا أي مقترح. فسبحان من بدل الأحوال، في الأمس يطالب ترمب السعودية بزيادة إنتاجها لتخفيض الأسعار واليوم يطالبها برفع الأسعار، ألم يقترح أعضاء الكونغرس في أكتوبر 2018م، بإصدار قانون يسمح لواشنطن بمقاضاة دول أوبك التي تعتبر السعودية أكبر منتجيها، ما يشكل تهديدا لاستثماراتها في الولاياتالمتحدة وذلك في ظل ارتفاع أسعار النفط، ألم يعرف هؤلاء مكانة وقوة السعودية النفطية، ألم يدركوا ويقدروا دور السعودية في المحافظة على استقرار أسعار النفط واستمرار إمداداته لعقود طويلة بتحملها أعباءً كبيرة كمرجح للإنتاج ومن ثم اتفاقها مع أعضاء من خارج الأوبك، ألم ترتفع ثقتهم في السعودية عندما أعادت إنتاج منشآتها النفطية في بقيق وخريص خلال أسابيع من مهاجمة الإرهابيين لها، لقد حان الوقت أن يقوم كبار المنتجين بدورهم بتخفيض إنتاجهم فلن تضحي السعودية بعد اليوم بنفطها ومستقبل أجيالها من أجل استقرار أسواق النفط العالمية من دون تعاون الجميع. وقد جاء الرد السعودي مبكرا وسريعا بتوجيه وزارة الطاقة لشركة أرامكو بالاستمرار في إمدادات النفط إلى (12.3) مليون برميل يوميا الأربعاء الماضي، لقد تغيرت الظروف والمعطيات في أسواق النفط وفي اقتصاديات البلدان المنتجة واشتدت منافسة النفط الصخري والطاقة النظيفة والمتجددة عامة وبشكل خاص في قطاع السيارات الذي يستهلك أكبر نسبة من إنتاج الوقود، كما أن اتفاق الأوبك بلس لم يعد قائما بعد أن تخلت روسيا عن هذا الاتفاق في فترة تشهد انتشار وباء كورونا وتدهورا متسارعا لأسعار النفط والذي أوصل الأسواق العالمية إلى ما هي عليه حاليا، فلن تتحمل السعودية جميع الأعباء المالية لصالح منتجين كبار مثل روسيا وأميركا دون مساهمتهم في استقرار الأسواق. ومن دون أي شك إن السعودية قائدة سوق النفط وبقوة مؤثرة، حيث إنها تستطيع إحداث تغيير حاد في اتجاه أسعار النفط صعودا أو هبوطا، كما حدث في 1986 و2014م، فإن على جميع المنتجين في أوبك وروسيا وحتى الشركات المستقلة، أن يتعاونوا جميعا للمحافظة على استقرار أسواق النفط العالمية وبحصص سوقية تعكس حجم الطاقة الإنتاجية للبلد وما يمتلكه من احتياطيات نفطية، وأن لا يكون تقلب المواقف ضد منظمة الأوبك حسب الحاجة والأثر على السوق الأميركي أو الروسي.