حفظت لنا المكتبة الإسلامية التراثية شيئاً من صناعة المعرف في إطعام الطعام « فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: .... ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له»، وقال صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه :«يَا أَبَا ذَرٍّ، إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ». وفي التاريخ المعاصر قامت ما يسمى بنوك الطعام هي مؤسسات خيرية غير ربحية تهتم بتجميع فائض الطعام والهدر الغذائي وتخزينه وتوزيعه على الفقراء والمساكين، وأول بنك أنشئ للطعام تم تأسيسه في عام 1976م ولدت فكرة «بنك الطعام» قبل أعوام في هولندا، وتبنتها فتاة شابة تدعى «ريجينا ماك »، وبدأت بتنفيذها من خلال منزلها، وذلك بإعداد كميات من الطعام بنفسها بصورة يومية ووضعها في علب لتوزيعها على الفقراء القريبين من الحي الذي تقيم فيه، ثم اتسعت رقعة نشاطها بانضمام كثير من المتطوعين من الأثرياء وميسوري الحال، وتطورت الفكرة إلى إنشاء مؤسسة خيرية كبيرة. ثم أخذت تلك الفكرة تنتشر في عدد من دول العالم، فتم تنفيذها في الهند وكوريا والولايات المتحدة، ومصر وسورية وفلسطين والمغرب والسعودية وغيرها. وبنك «جمعية إطعام»، مؤسسة سعودية غير ربحية متخصصة بالطعام، هدفها الأساسي حفظ النعمة، تأسست بمبادرة من رجال أعمال بالمنطقة الشرقية عام 2012م بهدف حفظ النعمة من الهدر بطريقة احترافية تحفظ فيها خصوصية المجتمع والمستفيد. وبعد نجاح التجربة تم نقل الفكرة إلى مدينة الرياض في شهر ديسمبر 2013م لقد أصبح هدر الطعام مما يشغل الرأي العام والخاص حتى أن رؤية المملكة 2030 حرصت على تغيير ثقافة المجتمع نحو الغذاء في برنامج التحول الوطني 2020، وتزعجك تلك الأرقام التي تكشف عدد الوجبات المهدرة، حيث تقدر قيمة الفاقد والهدر الغذائي بالمملكة ب»49.833» مليار ريال سنوياً حسب الورقة المقدمة من وزارة الزراعة (2016) في ورشة الحد من الفقر والهدر الغذائي. ولم يقتصر دور الجمعية على الحفظ والنقل الغذائي بل اهتمت بنشر رقعة الوعي المجتمعي حيث أقامت مؤتمر إطعام الدولي الأول في الرياض الموافق 11-12 / 4 /2017م وأقامت معارض تثقيفية وندوات ومحاضرات توعوية للمجتمع بأهمية حفظ النعمة، بالإضافة لعقد اتفاقيات مع الفنادق وقاعات الأفراح لتعبئة وتوزيع الطعام الزائد بأفضل معايير الجودة. وحازت على ثقة المسؤول في وقت وجيز، وتأييدا لأهداف ورسالة جمعية إطعام فقد أصدرت وزارة الشؤون البلدية قراراً يلزم المطاعم وقاعات الأفراح بالتعاقد مع جمعيات حفظ النعمة، وهو قرار في مكانه. أما أعمال جمعية إطعام في القمة العربية عام 2018م فمنجز من نوع فاخر، وعالي الجودة، حيث تم حفظ 21230 وجبة، و2695 عصائر وألبان، بمساندة 42 موظفاً وبواقع 160 ساعة عمل، وبمساعدة 21 متطوعا ومتطوعة، بواقع 156 ساعة تطوع، استفاد من زائد الطعام في تلك القمة 480 أسرة، و1620 فردا كل هذا الإنجازات اللافتة للنظر جعل إطعام تنال جائزة أفضل جمعية خيرية على مستوى الوطن العربي لعام 2019، والمقدمة من مهرجان جوائز جلوبال العالمي، في الحفل السنوي الذي أقامته الأمانة العامة للجائزة في مدينة مراكش بالمملكة المغربية. إن من يزور مقر جمعية إطعام في الرياض ويلتقي بمديرها الإقليمي الشاب الأستاذ عبدالرحمن الحزيمي، سيقول له كما قال وزير الموارد البشرية والتنمية الإجتماعية المهندس حمد الراجحي: جمعية إطعام «تبيّض الوجه» عملاً ومتابعة واحترافية وقدرات مالية.