حققت المملكة العربية السعودية العديد من الإنجازات نحو تمكين المرأة في سوق العمل، وكانت الهيئة العامة للطيران المدني من الجهات التي مكنت المرأة السعودية للعمل في قطاع الطيران المدني، على كافة الأصعدة والوظائف القيادية والفنية والإدارية، إيمانا منها بدور المرأة في تطوير وتعزيز قطاع الطيران والتي أصبح لها دور رئيس في جميع المجالات تماشيا مع رؤية 2030، وأخذت الهيئة على عاتقها تمكين المرأة السعودية في عدة مجالات منها مهنة المراقبة الجوية. وتعتز الهيئة بقدرات ومهارات المراقبين الجويين لديها، حيث وصلت نسبة توطين مهنة المراقبة الجوية في المملكة إلى 100 %، رغم النمو المضطرد التي تشهده الحركة الجوية في مطارات وأجواء المملكة عاما بعد عام، وتحرص الهيئة العامة للطيران المدني على تحقيق أجواء آمنة وفق أدق معايير السلامة العالمية، وبناء منظومة حديثة بخدمات عصرية متقدمة في مجال النقل الجوي، وقد بلغ عدد المراقبات الجويات في المملكة (26) مراقبة جوية سعودية تلقوا تعليمهم وتدريبهم في أكاديمية الطيران المدني السعودي وهي إحدى الأكاديميات المتخصصة في هذا المجال وحاصلة على العديد من الاعتمادات الدولية. وتتكون المراقبة الجوية من ثلاثة مهام رئيسة (مراقبة الاقتراب، وبرج المراقبة الجوية، ومراقبة منطقة)، وتتولى مراقبة الاقتراب مسؤولية إدارة الحركة الجوية في نطاق (60) ميل وارتفاع 15 ألف قدم تقريباً حول المطار للرحلات المغادرة والقادمة، بينما تكون مسؤولية برج المراقبة الجوية إدارة الحركة الجوية بالمنطقة المحيطة بالمطار وعمليات الإقلاع والهبوط والحركة الأرضية، كما تقع مسؤولية إدارة الحركة الجوية على الارتفاعات الأعلى والتعامل مع السرعات العالية على مراقبة المنطقة، ويعّد التركيز العالي وسرعة البديهة لاتخاذ القرار الصائب في لحظات من أهم المهارات الأساسية للمراقب الجوي، وتبرز أهمية هذه المهنة في مدى تأثيرها على سلامة وكفاءة وانتظام الملاحة الجوية وما يقع على عاتقها من مسؤوليات ومهام لا تتحمل الخطأ، حيث تم تصنيف مهنة المراقب الجوي من أصعب المهن عالمياً ما يجعلها ذات أهمية عالية على المستوى الدولي. من جانبه، تحدث عدد من المراقبات الجويات السعوديات عن بدايتهن في الحصول على الرخصة لهذه المهنة، وأدوارهن العملية والفاعلة في هذه المهنة الهامة لإيضاح دور المرأة في منظومة الطيران المدني في المملكة. ومن تلك النماذج العاملات في مهنة المراقبة الجوية، ريم عبدالله التي أوضحت أن سبب دخولها مجال الطيران هو الشغف والتحدي الذي تطلبه مثل هذه الوظائف الحساسة، وقالت "نحن خريجات من الدفعة الأولى للعمل في مهنة المراقبة الجوية، وبصراحة هي وظيفة مشوقة جداً ومنذ بدأنا التدريب أصبح لدينا تصور كامل عن الموضوع وبدأ التحدي الحقيقي للعمل في مثل هذه الوظيفة الحساسة، وبصراحة التدريب الذي حصلنا عليه عاليا جدا ودقيق وخضنا أكثر من عشرة اختبارات من أجل القبول إلى أن وصلنا إلى (11) فتاة سعودية في تلك الدفعة، وبدأنا البرنامج التدريبي الذي وبحمد الله استطعنا اجتيازه" وأضافت "عندما يكون لديك شغف بالعمل سيكون كل شيء سهل وممتع، ومهنة المراقبة الجوية تخلق لدى كل شخص ومع الرغبة والحس المسؤولية العالي استطعنا من إدارة الحركة الجوية". وعن بدايتها في العمل وكيف كان التفاعل أثناء العمل في مركز المراقبة الإقليمي قالت ريم "بعد أن أخذنا الرخصة كان الموضوع مفاجئا للجميع ووجدنا ترحيبا كبيرا جدا من الجميع وفي البدايات كان الطيارون في الجو من كافة شركات الطيران العالمية يتحدثون معنا في الموجه ومتفاجئين وأصبحوا يعلقون عبر الموجة (هل هذه السعودية؟.. هذه جدة؟)، ومع الوقت أصبح الطيارون يُهنئوني بالوظيفة ويعبرون عن ثقتهم العالية بنا كما وجدنا دعما كبيرا منهم"، مشيرة إلى أن المرأة السعودية تطمح أن تصل إلى مناصب قيادية في مجال المراقبة الجوية وفي منظومة الطيران المدني". وعبرت الموظفة روان حبيشي (مراقبة جوية) عن سعادتها الكبيرة في العمل بمجال الطيران المدني، وقالت حبيشي " أعتقد أن مجال الطيران المدني مجال ممتع للغاية ومجرد أن تدخل فيه من الصعب أن تعمل في أي وظيفة أخرى، والعمل في مهنة المراقبة الجوية جميل لدرجة أننا أحيانا لا نريد أن نخرج ونريد أن نستمر في عمل هذ الوظيفة الممتعة، والحمد الله أننا وجدنا تدريبا مناسبا وقويا وأكبر دليل على ذلك أننا دفعة كاملة بعد التخرج اليوم تؤدي عملها على أكمل وجه دون أي مشكلات وهذا نتيجة التدريب المميز الذي وجدناه". وأفادت حبيشي أن واقع المرأة السعودية خير دليل أنها قادرة على العمل في كل المجالات وتؤدي عملها على الوجه الأكمل، وأوضحت "عندما بدأت العمل في مهنة المراقبة الجوية ووقت إدارتي لحركة إحدى الطائرات التابعة للخطوط الإماراتية قال لي كابتن الطائرة (أريد أن أتأكد هل أنتي سعودية؟ وتعملي مراقبة جوية؟) فرديت عليه عبر الجهاز (نعم أنا سعودية وخريجة الدفعة الأولى) فبدأ الكابتن في المباركة لنا بهذه الخطوة، وفي الحقيقة أننا وجدنا تهنئة من كافة طياري الخطوط العالمية". من جهتها، أكدت المراقبة الجوية لينا عادل أن المرأة السعودية قادرة على مواجهة كل التحديات مشيرة أنها تطمح إلى الوصول لأن تكون أول امرأة في إدارة المنطقة، وقالت "في الحقيقة تحصلنا على تدريب جدا عال واحترافي، وأول كلمة سمعناها عند دخولنا التدريب أنه لا يوجد فرق بينكم وبين الرجال وباستطاعتكم العمل وتحقيق النجاحات في هذه المهنة، والحمد لله هذا ما حصل بعد أن تجاوزنا الاختبارات الدقيقة والتدريب المميز في الأكاديمية". وتابعت "مهنة المراقبة الجوية دقيقة وفي نفس الوقت ليست مستحيلة، وأتذكر في بداية عملنا تفاجأ كباتن الطائرات عندما سمعوا أصواتنا عبر الموجه وكانوا يسألون للتأكد من كوننا مراقبات جويات، وبصراحة كانوا يعبرون لنا عن فخرهم ووجدنا ترحيبا كبيرا منهم، والحمد لله تدريبنا مستمر وأطمح أن أصل إلى أول امرأة في إدارة المنطقة والمرأة السعودية بإذن الله قدها". وبدورها أفادت شهد فيصل زارع مراقبة جوية تحت التدريب أن مسمى (مراقبة جوية) شدها للدخول إلى هذا المجال الحيوي وبعد معرفة تفاصيل المهنة تشكل لديها شغف كبير في العمل بقطاع الطيران المدني، وقالت "خلال التدريب اكتشفت أن هذه الوظيفة ممتعة وغير تقليدية وتشكل لدي التحدي للعمل في هذه الوظيفة المهمة" وتابعت "مراحل الاختبارات على هذه الوظيفة ليست سهلة على الإطلاق، ولكن في نفس الوقت ممتعة لأنها متنوعة، ونحن نرى أنه لا يوجد فرق بين الرجل والمرأة بالعكس المرأة السعودية لديها الحس العالي وأنا أرى هذا الشيء في نفسي مما دعاني لإثباته بأن أكون واحدة من المراقبات الجويات في المملكة. وأضافت "تدربنا في الأكاديمية السعودية للطيران المدني على تحمل الضغوطات واتخاذ القرارات الصحيحة في الوقت المناسب، وأنا أقول للفتيات السعودية إن وظيفة المراقبة الجوية ممتعة ونحن قدها". في حين بينت المراقبة الجوية شذى بركات أن هذه المهنة ناسبت ميولها في تجاوز التحديات والصعوبات وقالت "شغفي كبير بالطيران والقراءة عن هذا القطاع خلف حبي للعمل كمراقبة جوية، ووجد أن هذه الوظيفة تناسب ميولي خاصة أنها وظيفة بها من التحديات الكثير وغير تقليدية على الإطلاق، وأنا أريد أن أكون من الفتيات السعوديات الأوائل الذين يوجّهون المرأة السعودية بأنها قادرة على العمل في كل شيء". وأشارت إلى الدعم والتوجيه الذي حصلن عليه خلال فترة التدريب، وتعلموا على كيفية إدارة المصاعب في هذا المجال، مؤكدة أنهم بدأت أحلامهم في الانطلاق بعد الدخول في هذا المجال، وهذا يعود لدعم قيادتنا الرشيدة للمرأة السعودية في كافة المجالات. يذكر أن المملكة العربية السعودية تمتلك في مجال الملاحة الجوية منظومة ملاحية متكاملة تُعد من أحدث الأجهزة المتطورة على المستوى الدولي، كما تعتبر المملكة عضو فاعل في لجنة الملاحة الجوية الدولية التابعة للإيكاو، وتضم منظومة الملاحة الجوية التي تديرها شركة خدمات الملاحة الجوية السعودية، مركزي مراقبة إقليميين في كل من جدة والرياض و (15) وحدة مراقبة جوية و (5) مراكز صيانة، تعمل على مدار ال24 ساعة، وتستخدم نظم ملاحية متطورة تواكب أحدث التقنيات العالمية في هذا المجال بهدف تحقيق أقصى متطلبات السلامة والانسيابية في الحركة الجوية. أدوار عملية فاعلة في هذه المهنة المهمة عدد من المراقبات الجويات السعوديات