علماء النفس فسروا الخوف المبالغ فيه وحالات الذعر من فيروس كورونا بأنه من المرجح أن يكون بسبب وسائل نقل الأخبار التي يشاهدها الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية والتي تبث بكثافة غير منطقية من أجل السباق الإعلامي بغض النظر عما تخلفه من حالة الذعر في المجتمعات وتأثيرها على كافة جوانب حياتهم مما جعل الناس في حالة من "اليقظة المفرطة " أو " الوعي المفرط " الذي يتعدى الوعي الطبيعي والعقلاني والذي خلق حالة من التفسيرات والتأويلات وكثرة القراءة والبحث والاطلاع في كافة الوسائل المتاحة.. وهذه اليقظة المفرطة طوال الوقت جعلت الناس في حالة من التوتر والإجهاد النفسي والانفعالي والتشويش الذهني بحيث أصبح الناس لا يقتنعون بالمقارنات والإحصائيات العلمية العقلانية بين فيروس كورونا المستجد وحجم أضراره وبين أمراض وكوارث وأحداث إرهابية مروا بها خلال سني حياتهم وحصدت الملايين من البشر ومنها الأنفلونزا العادية السنوية. ويرى علماء نفس الأمراض الوبائية أن التطورات المُشَاهدة الآن في حالة الذعر لدى الناس سببها عدم اليقين، وضعف القدرة على التنبؤ فكل هذه الأمور تجعلنا في حالة من القلق المفرط وعدم السيطرة على مشاعرنا كبشر وهي حالة من الصراع النفسي ما بين الحقيقة واللاحقيقة، ويصبح هناك حالة من التشدد كردة فعل على التهديدات من أجل حماية أنفسنا وخاصة عندما يكون التهديد غير مؤكد وبعيد المدى فالناس لا تعلم الحجم الحقيقي للتهديد ولا متى سوف ينتهي وهذا ما يجعلهم في أزمة نفسية وحالة من الصراع. اليوم يصف علماء نفس الأوبئة والسلوكيون بأنه في مثل هذه الحالات يظهر ما يسمى "بالشراء المذعور" لتأمين الإمدادات الأساسية والطبية غير الضرورية على الرغم من وجود استعداد جيد لمواجهة مثل هذا المرض وهذا بسبب عدم اليقين الذي يترك مجالاً للادعاءات الكاذبة وأيضاً ظهور تجار المصائب وخاصة أثناء المرحلة الوسطية من تفشي الوباء. ويرى العلماء أن ردود الفعل المذعورة والعدوانية هي ناتجة عندما يتفاعل الناس بدوافع انفعالية قوية مما يجعلهم مندفعين ويتخذون قرارات وخيارات سريعة وغير عقلانية وفي كل تلك الأمور السابقة فإن الكثير من الحالات نتيجة حالة الذعر يتعرضون للصدمة النفسية سواء من تعرضوا للفيروس أو من المخالطين لهم مما يتطلب توفير برامج عالمية للتعامل مع الاضطراب أو الإجهاد التالي للصدمة وقد يكون الأشخاص الذين يعانون من مشكلات نفسية أو عقلية وخاصة من لديه شخصية قلقة أو اضطراب القلق العام واضطراب الوسواس القهري ومن لديهم مخاوف من الأمراض فهذه الفترة من الفوضى وعدم اليقين وسرعة تداول الأخبار المفزعة والشائعات هي أوقات عصيبة لهم. ويرى خبراء علم نفس الأوبئة والصحة العامة أن من الأهمية بمكان ألا يدع الذعر يتولى عمليات صنع القرار والتفكير العقلاني، لأنه الثمن الأكبر بكثير من التهديد الذي يشكله فيروس كورونا.