أحيي الشعب السعودي على يقظته المستمرة التي تنكسر مكايدُ الأعداء على صخرتها الصَّمَّاءِ، وأهنئه على توفيق الله له للتمسُّك بغرز الجماعة، والوفاء بالبيعة التي أوجب الله الوفاءَ بها، وأنوه بوطنيته الحقّةِ التي قضّت مضاجع الأعداء، واستعصت على أهل الإرجاف، وجعلت سعي الأعداء في تباب وخسران.. اجتمعت للمملكة مزايا كثيرةٌ نالت بمجموعها خصوصيةً مرموقةً، فلقد شقت طريقها بسرعة إلى الرُّقي، وصارت في مصافِّ الدول الوازنةِ، ومن شأن المزايا والخصوصيات أن تثير حسد الحاسد، وأن تُوغِر صدر الحاقد، فالنفوس المريضة لا تستسيغ ظهورَ نعم الله على عباده، وكما كانت النعم الممنوحة للمملكة متنوعةً كذلك كان حاسدوها متنوعين، فمنهم من يحسُدها على نعمة الأمن والاستقرارِ، ومنهم من يحسدها على نعمة الثروة، ومنهم من يحسُدها على نعمة احتضانها للحرمين الشريفين وخدمتها المميزة لهما، ومنهم من يحسدها على ثقلها السياسي العالميِّ، وعلى ريادتها في العالم الإسلامي، ومنهم من يحسدها على كلِّ ذلك أو بعضه، ولكلِّ طائفة من أعداء المملكة رهاناتٌ تراهن عليها لأجل التشفِّي من المملكة، ولا تقصِّر في المراهنة عليها، وبفضلِ الله تعالى ثم بحنكةِ حُكَّام المملكةِ وحِكْمتهم، وبوعي الشعب السعودي ووطنيته وشموخه تتبخَّرُ هذه الرهانات الواحدة تلو الأخرى وتتلاشى، وتلقى حتفها في مهدها مدحورةً مقبورةً، ومن الرِّهانات الخاسرة التي جربها أعداءُ المملكة: أولاً: المراهنة على تهييج الشعب ببثِّ الإشاعات المغرضةِ، وقد جهل من يراهن على هذا الرهان الخاسر أن هذا الشعبَ النبيلَ أعظمُ من أن ينساق وراء إرجاف المرجفين، وأنه أكثر وعياً وأبعد نظراً من أن يقوده العُميان، وأنه يقدِّر مكتسباتِه وإنجازاتِه، ويحافظ عليها ولا يسمح لأيدي العابثين بأن تعبث بها، وقد تكررت الفرصُ التي حاول فيها أبواقُ الفتن تهييجَ هذا الشعبِ، وفي كل مرة ينال المهرجون صفعة مُخزيةً تبرهن لهم على أن شعبنا أسمى مما يتصوَّرون، ويزداد وقوفُ الشعب مع قيادتِه، وتجديدُه الالتزامَ بطاعة ولي الأمر، ورفضه إجمالاً وتفصيلاً لكل ما من شأنه أن تمتد أيدي المخربين إلى المساس بصرحه الشامخ، وقد أظهرت التجاربُ أن هذا النهج الذي ارتضاه الشعب السعوديُّ هو المنهج السليم، فقد عرفنا سوءَ المصير الذي ينتظر الشعوبَ عند هيجان الفتنة الداخليةِ، وأبواقُ الفتن مختلفة الاتجاهات لكنها متحدةٌ على تمني الشر للمملكةِ، فمنها جهاتٌ خارجية مناوئةٌ للمملكةِ، وشُذَّاذُ الآفاقِ والفئاتُ الضالةُ وخوَنةُ الأوطان، وكلما دبَّتْ عقاربُ هذه الجهاتِ لتبثَّ سمومَها في جسدِ الشعبِ دعسَها الشَّعْبُ وتحطمتْ تحتَ الأحذيةِ، فلسانُ حالِنا معَهم: إِن عَادَتِ الْعَقْرَبُ عُدْنَا لَهَا وَكَانَت النَّعْل لَهَا حَاضِرَهْ ثانياً: المراهنةُ على الخارجِ وتدخُّلاتِه، وتلك مراهنةٌ خاسرةٌ بإذنِ الله تعالى، فالدُّولُ أعرفُ من أن تغترَّ بالمهرِّجين والمرجفينَ، وتعاملاتُها محكومةٌ بقوانينَ معلومةٍ تحترمها المملكةُ في تعاملِها مع الدول، وبالمقابِل تحترمهَا الدولُ في تعاملها مع المملكة من بينها عدمُ التدخُّلِ في الشؤونِ الداخليةِ، نعم شذَّت بعض الدول المارقةِ فكان دأبها محاولةَ التدخل في شؤون الدول، لكن ماذا عسى أن يستفيده المراهنون الخاسرون إذا كان التجاوب معهم محصوراً في دولة مارقةٍ لا تملك لنفسها نفعاً ولا ضرّاً؟ إنه لا شيءَ فلا طائلَ في تعاوُنِ العَجَزةِ، ولا في الاستثمار عند المفلسينَ، ومن راهن من أُبَّاق الخوارج على التدخل الخارجي في شؤون بلاده فقد برهن على أنه سيِّئُ الطويَّةِ خبيثُ النيَّةِ، أو قصيرُ النظرِ، أعمى البصيرةِ. ثالثاً: التشدُّق المزوَّرُ بحقوقِ الإنسانِ، وذلك رهانٌ خاسرٌ؛ فالمملكةُ محترمة لحقوق الإنسان مراعيةٌ لها، داعمة لتعزيزها، منفقة عليها بسخاء، وهي في غنى تام عن أن تتلقى إملاءً في هذا الموضوع من هؤلاء المتشدقين، ونظامها المبنيُّ على تحكيم الكتاب والسنة كفيل بنيل كل ذي حق حقَّه، وأولياء أمرها لا يقصرون في تطبيق كل ما يرون فيه حفظاً لحقوق الإنسان، ولو كان هؤلاء المتشدقون صادقين في مراعاة حقوق الإنسان ما حرضوا على الدول المستقرة الآمنة، فظهر جلياً أنهم أبعد ما يكونون عن الحرص على حقوق الإنسان، وأيضاً العالم المتحضر متعاون في مراعاة حقوق الإنسان، وأساليب الحريصين على النفع راقية يتبادلون الاقتراحات والنصائح بكل احترام ومودة وخصوصية، والمملكة تقدِّمُ النصائح للجهات المعنية في هذا الصدد وتستقبلها بكل رحابة صدر، وتطبِّق المقترحات التي تراها مناسبةً حسب أنظمتها وأعرافها وقيمها ومبادئها، وهذه الأساليب مغايرة تماماً لأساليب مروجي الفتن. وختاماً: أحيي الشعب السعودي على يقظته المستمرة التي تنكسر مكايدُ الأعداء على صخرتها الصَّمَّاءِ، وأهنئه على توفيق الله له للتمسُّك بغرز الجماعة، والوفاء بالبيعة التي أوجب الله الوفاءَ بها، وأنوه بوطنيته الحقّةِ التي قضّت مضاجع الأعداء، واستعصت على أهل الإرجاف، وجعلت سعي الأعداء في تباب وخسران، وأثبتتْ أن لا أثر لحملاتِ الإعلام المأجور الذي جيَّش كلَّ ما أمكنه للتشويش على موقفِ هذا الشعب، فلم تزد الشعب إلا تمسكاً بقيادته ودفاعاً عن وطنه ومكتسباته ومقدراته.