تمكنّت OPEC من انتزاع سلطة إدارة أزمة "كورونا والطلب على الطاقة" ونقلها من بكّين إلى طاولة المنظمة في فيينّا، والتحكّم في مستوى مخاوف الأسواق وإعادتها لصوابها، فاثني عشرَ يوماً من المتابعة اللصيقة من قبل OPEC ومنتجي الخام الحلفاء لأزمة الفايروس منذ انطلاق تداعيات تأثيره في أسواق النفط في ال 21 من يناير الماضي كانت كافية لاتخاذ قرار إدارتها للأزمة، فعلى الرغم من أن مقترح الخفض الإضافي لمنتجي الخام لم يحضَ – إلى الآن – بالتشريع الوزاري من الأعضاء في OPEC+ إلا أن هذا المقترح يعدّ خطوةً ناجحة في مجاراة الأسواق واحتواء الأجواء السلبية، كذلك إعادة توجيه إعلام الصناعة عالمياً، الذي اتخذّ مسارات عدّة منها الإعلام النفطي الغربي الذي وجد في الأزمة أرضاً خصبة لتضخيم الموقف على غير حقيقته، أو في القُطْر العربي (القنوات الإخبارية) التي مررّت مخرجات الإعلام الغربي بذات القدر من التضخيم وإن كانت بعيدةً عن أسواق النفط، إلا أن تداعياتها طغت على الأسواق والسلع، حالياً عقب نجاح المنظمة ومنتجي الخام الآخرين في انتزاع إدارة الأزمة أصبحت تمتلك عاملين لكلٍ منهما قدرٌ عالٍ من الأهمية، الأول التحكّم في مخاوف الأسواق وتهدئتها كذلك استيعاب تداعيات هذه الأزمة، الآخر امتلاك عامل الوقت دون ضغوط، ما يعني تقدير موقف أفضل وأشمل، وإيصال الأسواق للاجتماع الوزاري المقبل في الخامس من شهر مارس بأقل قدرٍ من الضغوط والتداعيات، وصنع القرار هناك دون استباقٍ أو تعديل لموعد الاجتماع مع المتابعة المستمرة للأسواق وطمأنتها ؛ لاجتثاث المخاوف التي تضغط على الأسعار. ومثّل الأسبوعان الماضيان – إلى الآن – المرحلة الأكثر ضغطاً على الأسواق منذ بدء انتشار "كورونا " في الصين؛ نتيجةً لمعايشة الأسواق أجواء المخاوف التي لامست المستويات السعرية لخام الإشارة برنت، الأمر الذي حدا به نحو التراجع في تداولات الأسبوع الماضي، ليكسر المستوى الأدنى له منذ الثاني من يناير 2019م، فعلى الرغم من المستويات السعرية المتدنية لخام الإشارة برنت إلا أنه لا يمكن الجزم قطعاً بمسار ضعف مستقبلي للأسواق، وقد عكست الأسواق خلال الأسبوعين الماضيين حالة الترقّب الحذرة والمتابعة اللصيقة للمستجدات – وما زالت -، ومن الملاحظ أيضاً أن هنالك ثباتاً سعرياً لخام الإشارة برنت عند 54 – 56 دولاراً للبرميل، أي البعد عن أية مستويات سعرية دون ال 53 دولاراً، وقد تصعد ل 57 دولاراً لا سيمّا أن أسواق النفط شهدت خلال الأيام القليلة الماضية تواتراً لإجماع غالبية وزراء الطاقة الأعضاء في OPEC+ على دعم مقترح التعديل لسياسة تقييد الإنتاج، باستثناء حالة التريثّ من قبل موسكو التي قد تكون – إلى حدٍ كبير - نقطة إيصال الأسواق إلى الاجتماع الوزاري مطلع مارس المقبل وبمعنى أكثر إيضاحاً نقل منطقة القرار إلى موعد الاجتماع الوزاري لمنتجي الخام الأعضاء في OPEC+، ومن المرجّح استمرار المستويات السعرية السابقة لحين اجتماع OPEC+ إن لم تطرأ تطورات جديدة في أسواق النفط، الجهود الحالية التي تبذلها الحكومة الصينية لاحتواء تداعيات أزمة الفايروس قد لا ترجّح تطورات سلبية في الأسواق، كما أن طرح سياسة تقييد جديدة أمام أعضاء OPEC+ تعدّ أداة دعم جديدة تستأنس بها الأسواق حالياً وحسّنت من معنوياتها الكثير. التتبّع لطرق تعاطي صناعة الإعلام المختّص بقطاع النفط وعلى وجه الخصوص الإعلام الغربي يعكس إخفاقاً في طرق الإلمام بالتنبؤات الأقرب لمسار الأسواق وتوجهات منظمة OPEC، يدللّ على ذلك الترويج لفكرة ذبول مقترح اللجنة الفنية المختصّة بمراقبة الأسواق التابعة ل OPEC+ المتابعة اللصيقة لسياسة منظمة OPEC هي ذات السياسة التي ينتهجها الأعضاء في OPEC+ القائمة في الأساس على امتصاص صدمات الأسواق في الأزمات كما يجري حالياً، وتوزيع أدوار إدارة الأسواق بالتصريحات المتتالية بين أعضاء OPEC+ حسب ما يقتضيه الموقف، القرارات الوزارية للأعضاء هي المرحلة الأخيرة التي تتم عقب التأكد من صحّة التقييم لمسار ووضع أسواق النفط، المخرجات الحالية للإعلام النفطي الغربي وبعض البيوت الاستشارية لا يعكس إدراكاً للموقف وما يقتضيه، فالموقف الحالي للأسواق ليس بموقف قرار، أسواق النفط ما زالت بحاجة إلى المزيد من الوقت لاكتمال جمع البيانات وتحليلها، وهو الأقرب لموقف OPEC+ الحالي التي ربما تعتقد أن الاجتماع الوزاري في مارس القادم الوقت المناسب لأي قرار إن تم الاتفاق عليه. وأوضحت البيانات الواردة لأعضاء OPEC+ تقييداً في حجم الإنتاج ( قياساً بالإنتاج المرجعي المعتمد في ديسمبر 2018م والحصص الإضافية في ديسمبر 2019م ) لشهر يناير بمقدار 1.860 مليون برميل يومياً، كما تم تقييد حصص إنتاج أعلى من المعتمدة لذات الشهر بلغ مقدارها 627 ألف برميل يومياً، من الأعلى للأسفل على النحو التالي السعودية 411 ألف برميل يومياً أنغولا 107 ألف برميل يومياً كازاخستان 43 ألف برميل يومياً بروناي 27 ألف برميل يومياً البحرين 20 ألف برميل يومياً الكونغو 18 ألف برميل يومياً، كما سجّلت البيانات تسرباً ( تخلّف عن الامتثال ) بلغ مقداره 704 ألف برميل يومياً جاء على النحو التالي روسيا 179 ألف برميل يومياً السودان 129 ألف برميل يومياً نيجيريا 112 ألف برميل يومياً ماليزيا 93 ألف برميل يومياً المكسيك 41 ألف برميل يومياً عمان 39 ألف برميل يومياً العراق 39 ألف برميل يومياً أذربيجان 31 ألف برميل يومياً الإمارات 22 ألف برميل يومياً الغابون 17 ألف برميل يومياً غينيا الاستوائية 2 ألف برميل يومياً، وسبق أن طالبت روسيا على لسان وزير طاقتها إلكسندر نوفاك باستثناء المكثفات من الطاقة الإنتاجية لبلاده التي يبلغ متوسطها 833 ألف برميل يومياً.