إنّ ضعف الدافعية لدى الشخص في عمله من أدواء النفوس التي تلحق بنا، وتصيب كثيراً من الأعمال، والغالب أن وسائل العمل متيسرة، وأدوات النجاح والتميز متاحة، لكن التردي يكمن في ضعف الدافعية وقلة الإنجاز. ويشاهد الكثيرون منّا أشخاصاً يملكون ذكاءً كبيراً ومواهب متعددة لكن مع كلّ هذه الإمكانات لم يحققوا التميز في أعمالهم وربما في حياتهم، ويُرجع البعض سببه إلى عدم وضوح الأهداف المرجوة، لكنها ربما ترجع في بعضها إلى وجود مشكلة في الجدية أو قصور الأداء. ولذا يعدّ قصور الأداء داءً خطيراً، وهو يعود إلى ضعف الحافز النفسي مما يعود بدوره إلى خلل ظاهر في الأداء، فليس وضوح الهدف كما هو مشهور كافياً لتحقيق ما نرجوه من أعمالنا، وإنما لابد من إضافة الجدية والرغبة في الإنجاز والحرص على التميز. إن الجدية في العمل قادرة على رفع المستوى العام للأعمال في زمنٍ قصير، بينما الخمول وقصور الأداء من الأسباب الحقيقية للتردي والقضاء على التميز، ويبقى قصور الأداء كذلك عقبة أمام محاولات الإصلاح والرغبة في الإنجاز، ولا يمكن استنهاض القدرات إلا بعد تعزيز الدافعية. ويأتي قصور الأداء من ضعف الدافعية، ويمكن أن يقع أيضاً من النظرة الإيجابية أو السلبية للعمل، فالشخص السلبي لا ينظر في عمله إلا إلى مقدار الأخذ، بحيث لا يتطلع إلا إلى إشباع ذاته، وبالتالي لا يعمل إلا الحد الأدنى المطلوب من العمل، بينما تختلف نظرة الشخص الإيجابي من عمله؛ لأنه يرى غايته في البذل لا في الأخذ، مما يجعله يكلف نفسه بالعطاء، ويصبر على عناء البذل، ويتعب في حصول المقصود. ولهذا كان من أهم ما ينبغي الإلمام به وزرعه في النفوس مع وضوح الهدف تأجج الدافعية للإنجاز، فالشخص إذا عمل بلا هدف كمن يسافر من دون تحديد جهة سفره، والهدف بلا دافعية للإنجاز كلامٌ نظري، وينبني عليهما تدني قصور الأداء، وهذا بخلاف تأجج الدافعية مع قوة الهدف فإنه ينبني عليهما الإنجاز والإتقان والتطور.