فرانسيس جالتون العالم الإنجليزي الرياضي (1822-1911) في دراسته المنهجية حول الموهبة والتفوق يفسر المتفوق بأنه الشخص الذي يبدي القدرة على عمل وإعداد إنجاز عالي القدرة منطلقاً من قدراته وقوته العقلية والجسدية، الذي في نفس الوقت يتطلب جهداً شاقاً. وهناك بعض العلماء والمفكرين يُعرّفون المتفوق بأنه من يظهر أداءً متميزاً مقارنة بالفئة العمرية التي ينتمي إليها في عدة جهات ونواحٍ، كالقدرة على التفكيرالإبداعي، والجد الدراسي، والحرص والالتزام الدائم، والمرونة في التفكير والتخطيط، والإتقان في العمل، وكل هذه القدرات عبارة عن سمات وصفات العقلية المتفوقة التي يبرزها المتفوق بشكلٍ دؤوب. للتفوق في طبيعته مهارات يستطيع الشخص تنميتها وتعزيزها في شخصيته، بل وفوق ذلك، يمكن للشخص في حياته اليومية أن يبرز هذه المهارات ويتقمّصها في أفعاله حتى تصبح جزءاً من سلوكياته. وضع الدافع والمُحفِّز الذاتي لإنجاز مهمة أو عمل معين هو من أهم المهارات الأساسية في تنمية التفوق لدى الإنسان. تُعرَّف الدافعية عادة بأنها مهارة أو حالة داخلية تستثير السلوك والأداء وتحافظ عليه. عندما يشحن الشخص مشاعره، ويُقوي أحاسيسه الداخلية في الطريق لتحقيق أهدافه فإن الطريق غالباً ما يسهل عليه، حيث يكون متوجهاً لمراده، وهذا ينعكس في سلوكياته تجاه أهدافه؛ وهذا ما نراه في الشخصيات المتفوقة في مجال الدافعية «Self Motivation»، حيث يعمل المتفوق على تكريس وإلهام سلوكياته لإنجاز عمل معين. إحدى المقولات المشهورة تقول «لكي نحافظ على ضوء المصباح، علينا تزويده بالزيت»، وهذا ما يعكس صورة المتفوق الذي دائماً ما يُحفز نفسه وُيزودها بالدافعية في سبيل إثراء إنجازاته. من المهارات التي يقوم المتفوقون بتطبيقها لتهيئة بيئة مناسبة للإنجاز هي إرضاء النفس، وهذه المهارة معنِيَّة بالأمور الحياتية المتعلقة بشكل غير مباشر في إنماء التجربة المتفوقة. في النظرية النفسية لعالم النفس الأمريكي أبراهام ماسلو -التي أطلقها بشكل كامل في عام 1943 وطورها في كتابه بعنوان «التحفيز والشخصية» التي تناقش حاجات الإنسان وأثرها في تحفيز وإحباط الذات- وضع العالم ماسلو هرم الاحتياجات بالنسبة للإنسان، ووفقًا للنظرية «يشعر الإنسان باحتياج لأشياء معينة، وهذا الاحتياج يؤثر على سلوكه، فالحاجات غير المشبعة تسبب توتراً لدى الفرد فيسعى للبحث عن إشباع هذه الاحتياجات». فالشخص الإيجابي وإن كثرت مشاغله ومسؤولياته لابد أن يعطي اهتماماً لاحتياجاته النفسية، وهذا ما يسمى بتقديرالنفس، الذي يعطي الإنسان المرونة في التفكير والإحساس بالثقة والقوة، فلولا رضا واستقرار النفس لما كان قادراً على تحقيق المراد وهو التفوق في العمل، وهنا يُفسَّر الإحباط والتكاسل بالعقبات والحواجز التي يواجهها الشخص المتفوق ويسعى دائماً لتجاوزها بإشباع حاجاته ورغباته للوصول إلى استقرار ورضا النفس الباعِث لإغْناء وإنْماء العقلية في سبيل تحقيق الإنجاز. يقول المتنبي: «أَهابَ بِقَلبِ الصَّبِّ حُبُّ التَّفَوُّقِ وَمَن طَلَبَ العَلياءَ بِالجِدِّ يَرتَقِ فَيا مُنيَةَ الرُّوحِ الطَّموحِ تَرَفَّقي لِعَينَيكِ ما يَلقى الفُؤادُ وَما لَقي»