يعد توصيف وظيفة ما بمثابة إنتاج لقائمة توضح المهام الوظيفية للموظف، وطريقة تأدية تلك المهام، وطبيعتها، وأسباب القيام بها، والشروط والمعايير اللازم توافرها في الموظف. والتوصيف الوظيفي يعرض كل تلك المواصفات، ويتناول في ذات الوقت المؤهلات والخبرات والمهارات والقدرات التي يجب أن يتحلى بها الشخص المراد تعيينه في وظيفةٍ ما لضمان قيامه بالعمل بالشكل الصحيح. وفي ظل متغيرات إدارة الموارد البشرية، فإن التوصيف الوظيفي بمكوناته آنفة الذكر، لم يعد مجرد أساس من أسس تنظيم العمل فحسب، إذ إنه بطبيعة الحال يقدم معلومات تساعد على التخطيط لوضع هيكلية إدارية مؤسسية، وهو ضروري عند نشر إعلان عن وظيفة، لكنه بات مع التحولات الناشئة في مجال التوظيف يتناول قضايا مستحدثة على رأسها الثقافة الإلكترونية والذكية، حيث امتد نطاق المؤهلات والخبرات متوسعاً باتجاه إضافة عناصر توصيف وظيفي تتوافق مع مستجدات الوظائف خاصةً تلك التي يتعلق القيام بها بمخرجات التقنية الحديثة، وهي الوظائف التي باتت بالعشرات. ومن هنا بات التوصيف الوظيفي الحديث بعيداً كل البعد عن الإطار التقليدي الذي لطالما عرفته إدارة الموارد البشرية والذي انتهى فعلياً قبل عقد على الأقل من الزمان، وأصبح دليل المؤسسات الإجرائي الذي يشتمل على أنظمة عمل الشركة وسياسة الشركة أكثر التصاقاً بالمفاهيم والأطر الحديثة التي تنظر إلى الوظائف والمهن من منظور يتناول في أساسه مقدرة الموظف على الوصول إلى نتائج أداء تستند إلى التحليل والبحث ومهاراتهما بعيداً عن الاكتفاء بتطبيق المعايير المهنية التقليدية. وكنتيجةٍ لهذه التحوّلات الكثيرة في مجال التوصيف الوظيفي، باتت المقابلات الوظيفية أكثر جنوحاً للتركيز على مقدرة المرشح للوظيفة على إعطاء شرح مقبول حول قدراته الاستثنائية خارج إطار تخصصه الجامعي، بما يشمل المهارات البحثية والتقنية، ومهارات التعامل مع المستحدثات المتلاحقة في مجاله الوظيفي، لكي يكون دائم الجاهزية لمواكبة تلك المتغيّرات أسوةً بأقرانه في ذات المجال، وحتى لا تصبح المؤسسة التي يعمل لها في ذيل القائمة في السوق على مستوى الأداء. من ناحيةٍ أخرى، حين نتناول التوصيف الوظيفي والمهام الوظيفية من زاوية حديثة، فإننا لا يمكن أن ننسى أن طبيعة التوصيف الوظيفي الحديث باتت أكثر وضوحاً ومباشرةً ودقةً، وهذا يرجع إلى التداخل والتنوع المتزايد في نطاق الوظيفة الواحدة، وهو ما استدعى الخروج بتوصيف وظيفي قادر على وضع حدود واضحة بين معالم المهام الوظيفية وعرض تلك المهام بعيداً عن العموميات التي لم يعد لها مكان في التوصيف الوظيفي الحديث، فكل مؤسسة حديثة اليوم تبحث عن الموظف القادر على القيام بمهام محددة وثابتة ودقيقة وفي ذات الوقت قابلة لديه لأن تتطور بشكل دائم ومتواصل، سعياً من تلك المؤسسات إلى الوصول إلى أعلى معايير الأداء.