توصيف وظيفي.. أعتقد بأن داخل كلمتي (التوصيف الوظيفي) تكمن الحلول لكمّ وافر من المشكلات الإدارية المزمنة والبيروقراطية المستعصية في أجهزتنا الإدارية الكبيرة والمتهلهلة والتي تسير على الغالب بالحد الأدنى من طاقات منسوبيها، حتى اننا اليوم بتنا نشهد انبثاق هيئات صغرى موازية عن الوزارات الكبرى للقيام بالمهام بيسر وسلاسة وخفة بدلا من الوزارات الأم، وهذا مؤشر على أن تلك الوزارات نفسها قد تضخمت واحتشدت بالبطالة المقنعة وكم هائل من الوظائف التي تقارب (الضمان الاجتماعي) فقط، بحيث باتت عاجزة عن القيام بتمام أدوارها المطلوبة، لعدة أسباب أعتقد أن على رأسها هو غياب (التوصيف الوظيفي) أو قائمة المهام لكل موظف يعمل في القطاع الحكومي. ببساطة؛ الطاقم الإداري داخل العديد من تلك الدوائر لا يدري ما عمله؟ وليس هناك توصيف إداري دقيق للمهام التي لابد أن يقوم بها من حين يوقع في الثامنة صباحا إلى أن يوقع خارجا في الثانية والنصف، وقد يكون الموظف يعرف موقع أقرب فوال، أو صاحب فطائر أكثر من المهام التي تتطلبها وظيفته وهو فوق مكتب (مترين في واحد) ومقعد جلدي دوار. أذكر أنني عملت في الجهاز المركزي لوزارة التربية والتعليم كمديرة لإحدى الإدارات لسنوات، دون أن يكون لإدارتي هيكل تنظيمي يحدد المهام أو توصيف وظيفي لمهام الموظفات، مع أن البدهية الإدارية تقول (كي تحقق أي خطة إدارية مبدئية لابد أن يكون لديك رؤية وهدف ومن ثم أهداف تتفرع عن الهدف العام، ومن ثم تتوازع المهام الإدارية، وفق هيكل ينظم الجودة والمتابعة)، لأنه إذا تحددت مهمة كل موظف عرفنا ما المواصفات والمؤهلات التي يجب أن يتمتع بها وأيضا المهام التي سينجزها، لكن أذكر في إدارتي لم يكن داخلها أي من هذا، والموظفات كن أخوات وزوجات وقريبات الذين يعملون في القسم الرجالي، وعندها أصبحت قضية الهيكل التنظيمي والتوصيف الإداري في وسط تلك الأجواء مجرد.. طرفة. ومع التطور الهائل للإدارة كعلم وكفن يصبح (التوصيف الوظيفي) خارطة طريق وبوصلة تحدد لك موقعك وأهدافك. - التوصيف الوظيفي يضع الشخص المناسب في المكان المناسب، بحسب ما يمتلك من مؤهلات وقدرات وكفاءة لا بحسب الولاء لأصحاب النفوذ والقرار في الإدارة الحكومية. - التوصيف الوظيفي يحدد المدخلات والمخرجات ويساعد على الإبداع والابتكار لأن الموظف أو الموظفة إذا اتقن عمله حتما سيسعى إلى تطويره والإبداع فيه، وبالتالي يكرس انتماء الموظف للمؤسسة التي تمنحه مساحة للإبداع وتحقيق الذات الطموحة. - التوصيف الوظيفي يساعد على تقييم الموظفين وفرز الموظف المبدع الخلاق عن الموظف الخامل اللامنتج. في النهاية التوصيف الوظيفي قد يكون هو الترياق الذي قد يحل جزءا من ركام المشاكل لإدارية المزمنة.