كانت فلسطين ولا تزال هي القضية العربية المحورية للمملكة. هذه حقيقة تسندها الوثائق والأرقام والمواقف العملية، وليست التصريحات العنترية والخطوط الحمراء الوهمية التي يرددها بطل التناقضات والمتاجر الأكبر بقضية فلسطين الرئيس التركي أردوغان الذي هدد بقطع العلاقات مع إسرائيل في حال إعلان القدس عاصمة لها، ومازال المخدوعون بشعار المقاومة والخطوط الحمراء ينتظرون هذا القرار! سياسة المملكة ثابتة لا تتغير تجاه هذه القضية وهي السلام العادل الشامل؛ هذه السياسة ليست شعارات وخطابات ولكنها أفعال ومبادرات ودعم متواصل لوحدة الفلسطينيين والوصول إلى دولتهم المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية. هذا الموقف تمثل في مواقف كثيرة أبرزها مبادرة السلام الشجاعة التي اقترحتها المملكة وتبنتها القمة العربية في بيروت العام 2002. مبادرة تضمنت دولة فلسطينية تدعو إلى انسحاب إسرائيل الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة منذ 1967، مع عودة اللاجئين وعودة الجولان المحتل في إطار قراري مجلس الأمن (242، و338). وعندما يتحقق سلام شامل عادل وهو هدف المبادرة، عندها تقوم علاقات طبيعية مع إسرائيل. مواقف المملكة في نصرة قضية فلسطين والدفاع عن حقوقها مواقف تاريخية قد يجهلها البعض لأن المملكة لا تتباهى بها سواء كانت مادية أو سياسية، وهي معروفة للفلسطينيين قبل غيرهم، المملكة في قضية فلسطين تسبق أفعالها أقوالها. في كتابه (الوزير المرافق) يروي الدكتور غازي القصيبي - يرحمه الله - الموقف التالي: (أما عن الفلسطينيين فقد علمتهم التجارب المريرة خلال حصار بيروت أن موقف المملكة كان شعاع الأمل الوحيد في ليل من الظلام الحالك. انفض عنهم كل الأصدقاء والحلفاء. معمر القذافي أرسل إليهم برقية يدعوهم فيها إلى الاستشهاد في بيروت عن بكرة أبيهم، وقال: إن التاريخ سيلعنهم إذا لم يموتوا جميعاً تحت أنقاض بيروت. بعدها تقدم باقتراح صبياني هو أن يقود الجيوش العربية بنفسه إلى لبنان. واعتبر الاقتراح نكتة ثقيلة لم يعرها أحد أدنى اهتمام. الروس اكتفوا بالشجب والإدانة والتحذير. جبهة الرفض أو جبهة الصمود والتصدي، أثبتت أن الحديث المنمق عن الصمود والتصدي شيء أما الصمود والتصدي في أرض المعركة فشيء آخر. لم يتحرك أحد لنجدة الفلسطينيين والكماشة الإسرائيلية تطبق عليهم. في ظل هذه الظروف، كانت علاقة المملكة بالولايات المتحدة خيط الأمل الوحيد. حال بدء الغزو اتصل ياسر عرفات بالملك خالد هاتفياً وظل يردد (وا خالداه). إلا أن صحة الملك خالد بدأت تتدهور وبعد الغزو بأيام توفي في الطائف. ولعب الملك فهد دوراً كبيراً خلال الأزمة. اتصل بالرئيس الأميركي ريغان عدة مرات هاتفياً. وعندما اقتربت قوات الغزو الإسرائيلي من بيروت، اضطر إلى إيقاظه من نومه. ولعب دوراً كبيراً خلال المفاوضات التي انتهت بوقف القوات الإسرائيلية على مشارف بيروت وانسحاب المقاومة الفلسطينية. خرج ياسر عرفات من الأزمة وفي نفسه شعور عميق بالاعتراف بالجميل نحو المملكة، عبر عنه في برقية طويلة مؤثرة إلى الملك فهد). ذلك موقف من مواقف تاريخية تعبر عن سياسة واضحة ثابتة وعملية لا مجال فيها للمزايدات والتناقضات. أما الذين يتاجرون بالقضية وعلى رأسهم أردوغان فليس من مصلحتهم انتهاء الأزمة؛ لأن استمرار مصالحهم السياسية وعلاقاتهم السياسية والاقتصادية والعسكرية مع إسرائيل مرهونة بالتناقضات والمزايدات والخطابات والخطوط الحمراء التي تجاوزتها صديقتهم إسرائيل أكثر من مرة لكن الرفض التركي لسياسة إسرائيل توجه إلى ليبيا!