العلاقات السعودية مع العالم ترتكز على محورين أساسيين هما: الموقف الاقتصادي العالمي لا سيما قضايا الطاقة، والقضية الفلسطينية.. فحول هاتين القضيتين تتشكل الاستراتيجية السعودية، وكانتا أهم رواسم ملامح هذه العلاقات وما تزالان.. عندما نقف على واقع العلاقات السعودية - الفلسطينية ندرك حجم النقلة النوعية التي قام بها الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- والتي تحولت فيه العلاقة مع القضية الفلسطينية إلى تفاعل خلاق.. فقد وضع -حفظه الله- أنظاره -منذ وقت مبكر- على القضية الفلسطينية وارتبط بها ارتباط نشأة والتزام باعتباره أكبر نصير للقضية الفلسطينية. فالانحياز للقضية الفلسطينية واجب عملي وأخلاقي وشرعي، فالقضية الثابت الحقيقي في الضمير والاستراتيجية السعودية حيث تعد قضية المملكة الكبرى وهذا الوعي الإيماني بالقضية الفلسطينية متجذر في التراث السعودي. وقد أشارت مصادر كثيرة واتفقت على الاهتمام الحقيقي الذي يوليه الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- للقضية الفلسطينية، واعتباره إياها القضية المحورية التي تدور حولها اهتماماته.. ولعل من دواعي العرض المنهجي للعلاقات السعودية الفلسطينية الوقوف على الجانب التاريخي فقد كان ارتباط المملكة بالقضية الفلسطينية منذ مرحلة تأسيسها. يقول وليم باول مؤلف كتاب المملكة العربية السعودية وأسرتها الحاكمة: إن الهدف الرئيس من اجتماع الملك عبدالعزيز بالرئيس الأميركي روزفلت عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية كان هو العمل على تلافي الوضع المتردي في فلسطين الذي كان ينذر بأن اليهود سوف يحولون هجرتهم الفردية إلى استيطان جماعي واحتلال دائم. وكان رأي الملك عبدالعزيز الواضح والصريح والذي شرحه للرئيس روزفلت هو أننا كعرب نشعر بالأسف لما ألم باليهود من اضطهاد في أوروبا غير أننا نشعر بأنه من غير العدل أن يصحح هذا الوضع على حساب عرب فلسطين. ويشير هاري هوبكنز إلى أن روزفلت كان يجهل تمامًا حقيقة الملك عبدالعزيز كملك مهيب، وعربي شجاع لقد طلب إليه روزفلت أن يوافق على مجيء مهاجرين من اليهود إلى فلسطين فرفض الملك عبدالعزيز قائلًا له: إنني بصفتي الدينية والسياسية سوف أكون في طليعة المحاربين إلى جانب إخواني في فلسطين. فالعلاقات السعودية مع العالم ترتكز على محورين أساسيين هما: الموقف الاقتصادي العالمي لا سيما قضايا الطاقة، والقضية الفلسطينية.. فحول هاتين القضيتين تتشكل الاستراتيجية السعودية وكانتا أهم رواسم ملامح هذه العلاقات وما تزالان.. فهاتان القضيتان هما أهم ما يؤثّر في صياغة واقع هذه العلاقة مع العالم، وبالذات العالم الغربي. ومن هنا طرأت جميع الظروف السياسية التي حدث فيها أن دخل العنصران معًا القضية الفلسطينية، والطاقة كما حدث بصورة واضحة في أثناء وبعد حرب أكتوبر عام 1973م بين العرب وإسرائيل عندما استخدمت المملكة ثقلها النفطي في إنحيازها الواضح والطبيعي الذي يمليه عليها شعورها الديني والعربي الوقوف إلى جانب القضية العربية قضية الشعب الفلسطيني في تحرك يقول كثير من المؤرخين بأنه كان أساسيًا.. فالعلاقة مع المجتمع العالمي تاريخياً وبالذات الغرب موجهة نحو غرض محدد وهو مصير فلسطين وبالذات بعد أن بدأت جماعات اليهود بالهجرة المنظمة إلى فلسطين. وفي ذلك الوقت الذي كان الكثيرون غافلين فيه عن حجم وأبعاد هذه الهجرة كان أحد الزعماء يفكر بطريقة أخرى ويرى في تلك التحركات المريبة بداية لحركة استيطانية كبيرة تنذر باضطرابات واسعة تهدد المنطقة بأكملها.. كان هذا الزعيم هو الملك عبدالعزيز.. فالحس السياسي الذي كان وراء العلاقات مع الغرب من الجانب السعودي كان يستشعر -إلى جانب المصلحة الوطنية- القضية الفلسطينية التي تنظر إلى الوطن في إطار الوطن العربي الكبير.. وتؤمن تماماً أن الخطر الذي يتهدد إحدى بقاع هذا الوطن الكبير إنما هو بادرة ونذير بخطر أكبر يمكن أن يمتد إلى بقية الوطن العربي، وهذه رؤية بعيدة ومستوعبة في وقت لم يكن فيه الخطر قد تبدت جميع جوانبه بعد. فللمملكة موقف واضح من القضية الفلسطينية فقد عرضت بعض الدول الكبرى على المملكة الانضمام إلى عصبة الأمم بتخصيص مقعد لها مع الأعضاء المؤسسين؛ إلا أن موقف المملكة من هذا العرض كان هو الرفض، لأن ميثاق عصبة الأمم ينص صراحة على استمرار الانتداب على الأراضي العربية. ورغماً عن كون المملكة -وقتئذ- دولة مستقلة ذات سيادة إلا أنها رفضت الانضمام إلى منظمة يقتضي الانضمام إليها التوقيع على ميثاق ينص على فرض الوصاية على أشقاء عرب. وعندما انهارت العصبة بعد الحرب العالمية وقامت منظمة الأممالمتحدة لم تترد المملكة في الانضمام إلى المنظمة عضوًا مؤسساً من الموقعين الأصليين على الميثاق.