تنبض القلوب في مسيرتنا على الأرض، ومع كل نبضة تفيض المشاعر الجياشة مع اجترار الذكريات أو رحيل الأصدقاء، والذكر نقيض النسيان ولا ينسى المعروف إلا كل ناكر للجميل، ولا تقاس المحبة بطول فترة الصداقة، ولكن تقاس بطيب الأثر والتفاني في حب كيان نتنفس حبه، ونبتة تربتها شغاف القلوب نسقيها المحبة والوفاء وتثمر في دنيانا الفرح وروح الفريق ووحدة الهدف والسعي الحثيث لتحقيقه، وفي مجتمعنا الإسلامي العريق يمثل الوفاء قيمة راسخة من قيم المجتمع، فالوفاء حق من حقوق أصحابه الأوفياء، فالوفاء يشعرك بأن هناك قلبا ينبض بجوار قلبك، إن عشت يصلك وإن غبت يبحث عنك وإن مرضت يعودك وإن مت يبكيك ويذكرك بطيب فعالك. غاب عن دنيانا الفانية مبارك عبدالكريم، الأخ والصديق المحبوب من الجميع تمتد جذور معرفتي به منذ العام 1381ه، فمن مبارك عبدالكريم؟ إنه أول كابتن لنادي الهلال، أول من حمل كأس الملك أمام نادي الوحدة في العام 1381ه، وكذلك العام 1384ه أمام نادي الاتحاد السعودي، رفض عروض الانتقال إلى أي ناد آخر رغم الإغراءات المادية التي يسيل لها لعاب البشر، بل وصل به الوفاء والإخلاص لناديه أن باع منجرته الخاصة لمساعدة ناديه ووزع ثمنها على اللاعبين حتى لا ينتقلوا إلى ناد آخر، ولك أن تتخيل محبة زملائه ومشجعي نادي الهلال وهم كثر. رحل الأسطورة الواقعية وصانع الفرح لجماهير الهلال، كان يصول ويجول في الملاعب وارتقى منصات الذهب منذ ما يقرب من 60 عاما، لقي ربه بعد صراع طويل مع المرض، نسأل الله - عز وجل - أن يكون ذلك في موازين حسناته إنه ولي ذلك والقادر عليه. يقول الشاعر: عش ألف عام للوفاء وقلما ** ساد امرؤ إلا بحفظ وفائه. * (هلالي قديم)