هل أصبح الوفاء عملة نادرة الوجود في زمن طغت فيه الماديات على قيم الوفاء ورد الجميل؟ هل نستطيع أن ننسى أو نتناسى أمجاد الماضي والرجال الذين سطروا سجل هذه الأمجاد بعرقهم وتفانيهم وهم في ريعان الشباب لأنهم من الأمس والأمس طوته صحائف الزمن ولن يعود؟ أليس هؤلاء هم من قضوا أحلى سنين عمرهم تحت قَسَم الولاء للشعار؟ ألن يذكرهم التاريخ كما نسيهم أبناء اليوم الذين نسوا واجبهم تجاه صُناع المجد؟ وهل هذا الصرح العظيم المسمى بنادي الهلال أو الزعيم أو نادي القرن هو وليد اليوم وأبناء اليوم أم هو غرس له جذور في أعماق التاريخ وعبر الأجيال المتعاقبة الذين بذلوا الجهد والعرق بكل إخلاص، أفنوا حياتهم في حب هذا النادي، وكانوا أوفياء العهد، رحم الله زمن الوفاء في وقت طغت فيه المادة على قيم النبل والعرفان، إنهم فرسان زمن شحت فيه المادة لكنهم كانوا أغنياء بنفوسهم القانعة المحبة فهل نتنكر لهم الآن في خريف العمر؟. كنت في زيارة لبعض أقاربي بالمنطقة الشرقية، وعرجت مصادفة على صديق عرفته منذ ما يزيد على خمسة عقود، إنه مبارك عبدالكريم، كان في الزمن الجميل علماً في رأسه نار، أحزنني ما رأيته فيه من ضيق الحال، وعزة نفس تمنعه السؤال، يسير على قاعدة من الألمنيوم عند الضرورة، في ظروف مادية تحت الصفر، فالصفر موجب، سكنٌ أقل من المتواضع رغم ارتفاع أجرته كما هو عليه الحال في المنطقة الشرقية، وإدارة الهلال مع مقدرتها وارتفاع قامات أعضائها لم ولن تعيره أي انتباه هو وأمثاله ممن جار عليهم الزمن وتدهورت ظروفهم المعيشية والصحية في خريف العمر. مبارك عبدالكريم متوجاً بكأس الملك 1381 ه ( اول بطولة في تاريخ الهلال) إنني أوجه ندائي عبر سطور هذه الصحيفة الغراء إلى جماهير الهلال المحترمة المحبة الوفية وخاصة من عاصر هذا العملاق وزملاءه، المتشبعين بحب الزعيم فهذا الرجل وجيله هم الرعيل الأول الذي وضع اللبنات الأولى لهذا الصرح الضخم، في وجودهم بدأ سطوع شمس الكرة السعودية، وكلي أمل في كل من يحب نادي الهلال أن يكون لهؤلاء المنسيين عوناً في مساعدة مبارك وأمثاله كسالم إسماعيل وسلطان مناحي وغيرهم من الأبطال الذين غيبهم الهرم عن منصات الفوز والاحتفال بالبطولات، وتناستهم إدارات أنديتهم التي بذلوا من أجلها العرق وأحلى أيام العمر، حرثوا أرض الملاعب الترابية في زمانهم وسطروا أسماء أنديتهم بأحرف من ذهب في سجل الرياضة السعودية، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ سمعنا عن صندوق اللاعب فأين هو؟ وهل يمكن تمويله باقتطاع نسبة من عقد اللاعب لتنفعهم وتنفع هؤلاء الذين أصبحوا في عالم النسيان في أيام ظلماء خبا فيها ضوء الجود والكرم، أرجو أن تجد كلماتي طريقها إلى قلوب الشرفاء المحبين من أبناء بلادي، بلاد النخوة والشهامة والعزة والجود والكرم، لا تنسوا الرعيل الأول وهم كثر، والله من وراء القصد. * هلالي قديم نجم هلال الثمانينات وكابتن المنتخب السابق سلطان بن مناحي نجم دفاع الهلال في كأسي 1384 ه سالم اسماعيل