برع الإيطالي ليوناردو دافنشي في رسمه للموناليزا التي استغرقت سبع سنوات متتالية (1503 - 1510) لتنفيذها رغم صغر مساحتها، فاللوحة صغيرة نسبيا مقارنة بالأعمال التي كانت تنتج آن ذاك، ويكمن سر نجاحها وشهرتها بتعدد المفردات الإبداعية فيها، فكل جزء باللوحة كان كما ينغي أن يكون. اللوحة عبارة عن بورتريه لسيدة أوروبية جالسة بسكون، ووراء شعرها البني المموج شال شفاف بمنتهى الرقة، عيناها تلاحقك في زاوية قدرت بأنها 30 درجة، ويداها الناعمتان متشابكتان أسفل الصدر. تلك السيدة صاحبة الابتسامة الغامضة التي جمعت بين الثنائية المتناقضة السعادة والحزن. تحمل خلفية الموناليزا العديد من المناظر الطبيعية كالطرق والأنهار والجبال والجسور ذات الطابع الغربي، رسمت بطريقة المنظور، وهي التي أكدت لنا تنقل الفنان من بلد لآخر، فالفنان في الواقع بدأ برسمها في مدينة فلورنسا الساحرة، ولكنه أمضى أعواما عديدة ولم يتنه منها! فقرر ليوناردو السفر إلى فرنسا بلوحة غير مكتملة، وهذا يأكد لنا حقيقة أن صاحبة الابتسامة الغامضة هي بالأصل لثلاث شخوص وهم: زوجة تاجر الحرير الإيطالي، وليوناردو نفسه، وسيدة في فرنسا كانت لها مكانة خاصة في حياة الفنان كما أقر النقاد. البناء الفني للوحة هرمي الشكل، قمته رأس السيدة، ولم يكن آن ذاك من الشائع أن يرسم الفنان بورتريه ثلاثي الأبعاد على لوحة مسطحة خالية من التضاريس، علما بأن النسب الموجودة في الوجه مطابقة تماما لوجه الفنان ليوناردو دافنشي. نالت الموناليزا شهرتها في القرن العشرين، بالرغم من أن اللوحة أنتجت في القرن السادس عشر (عصر النهضة)، وسارع العديد من الفنانين بإنتاج نسخ طبق الأصل للموناليزا، وآخرون قاموا بإضافة عناصر لها كالبوضة والملابس العصرية والحجاب والنظارات وغيرها من اللمسات الفنية التي أكدت نجاحها الباهر، بالإضافة إلى تصنيع قطع الأثاث والهدايا والإكسسوارات والأدوات المدرسية والمنزلية. * ناقدة كويتية د. ريهام الرغيب*