وافق المجلس التنفيذي لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، خلال دورته ال40 المنعقدة حاليا في أبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي يتمتع فيها بصلاحيات المؤتمر العام للمنظمة، على إنشاء وقف تنموي للإيسيسكو، وهو المشروع الذي قدمته الإدارة العامة للمنظمة إلى المجلس، لضمان توفير تمويل مستدام لبرامج المنظمة التي تقدمها في مجالات عملها لفائدة الدول الأعضاء، وأكد أعضاء المجلس دعمهم الشديد لهذا الوقف، مشيدين بالفكرة. وكان الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام للإيسيسكو، قد أكد في بداية جلسة المجلس اليوم، أن تأسيس وقف خاص بالمنظمة، هو أحد الحلول لمواجهة التحديات المتنامية التي تواجهها، وللتغلب على محدودية الميزانية، ولتلبية متطلبات الرؤية الجديدة. وأشار إلى أنه لمس استعدادا كبيرا من عدة جهات للتبرع لوقف الإيسيسكو لتحقيق أهدافه، موضحا أن الأصول الثابتة للوقف سيتم استثمارها لصالح مشاريع وبرامج لفائدة الدول المتبرعة. وشدد الدكتور المالك على أن وقف الإيسيسكو سيتمتع باستقلالية كبيرة، حيث ستديره هيئة نظارة خاصة به، والمدير العام للمنظمة سيكون فقط عضوا في المجلس. ودعا المدير العام للإيسيسكو أعضاء المجلس التنفيذي للمنظمة إلى دعم الوقف، وأن يعتبر كل منهم نفسه عضوا في الوقف ويساهم في تحقيق الوقف لأهدافه. وتتمحور رؤية المشروع حول أن تصبح الإيسيسكو منظمة ذات إنجازات تنموية مستدامة في مجالات اختصاصاتها، ومؤثرة في توجهات وخيارات الدول الأعضاء، ومستجيبة لحاجياتها الميدانية وأولوياتها القطاعية، وتهدف المنظمة من خلال إنشاء الوقف إلى تحقيق استدامة الموارد المخصصة لبرامج التربية والعلوم والثقافة والمجالات الأخرى ذات الصلة، وتحقيق الاستقلالية المالية النسبية للمنظمة، لضمان تمويل عدد من البرامج والمشاريع بصفة منتظمة. كما تستهدف المنظمة تعزيز قدرتها على منافسة الأجهزة الدولية المتخصصة في مجالات التربية والعلوم والثقافة، من خلال مشاريع وبرامج نوعية ومستدامة، ورفع قدرتها على توظيف الكفاءات والخبرات المتميزة من الدول الأعضاء في البرامج والمشاريع الممولة من الوقف. وأكدت الإدارة العامة للإيسيسكو أنها تضمن الاستقلالية الكاملة للوقف، وذلك في تسييره وتنظيمه، وتأمل الإدارة إلى أن يصل رصيد الوقف إلى 500 مليون دولار بحلول عام 2025، حيث ستكون مصادر التمويل المتوقعة من أصول ثابتة وغير ثابتة، ومن التبرعات والهبات المقدمة من ملوك ورؤساء وأمراء الدول الأعضاء، والجهات الحكومية، ومن القطاع الخاص ورجال الأعمال والمؤسسات الخيرية. وتمت الموافقة على أن تكون مؤسسة وقف سليمان الراجحي بالمملكة العربية السعودية هي المؤسسة الداعمة لتأسيس الوقف. يذكر أن الأوقاف أحد أهم أساليب التكافل الاجتماعي، ومن أبرز مصادر التمويل التنموي في العالم، وقد شهد قطاع الوقف نموا متزايدا، سواء من حيث حجم الاستثمارات المخصصة له، أو من حيث عدد الجهات والمؤسسات التي أصبحت تعتمد عليه كدعامة لتمويل مشاريعها، خصوصا في مجالات حيوية مثل التعليم والصحة والبيئة وغيرها. وفي موضوع متصل ، اعتمد المجلس على إنشاء مجلس استشاري دولي للإيسيسكو. وقد أكدت الإدارة العامة للمنظمة أنه من بين الممارسات والأعراف الجاري بها العملُ عالمياً، والتي صارت المنظمات الدولية والإقليمية والجامعات الكبرى الشهيرة تحرص على حسن استثمارها، إنشاء هيئات أو شبكات أو مجالس استشارية دولية، تضم نخبةً من الشخصيات الدولية من أهل الخبرة الواسعة والمكانة المرموقة، وذلك للاستفادة من خبراتهم الواسعة ورؤاهم. وفي هذا الإطار، وإعمالا لتوجه الإيسيسكو نحو الانفتاح الأوسع على الآفاق الدولية في إطار رؤيتها الجديدة، فإن المنظمة حريصة على الاستفادة من الممارسات والأعراف السائدة والتقاليد المرعية في المنظمات والمؤسسات العالمية فيما يخص إنشاء مجلس استشاري دولي تستفيد الإيسيسكو من عمله وفكره ورؤيته وخبرته في تسويق المنظمة أمام العالم، وتقديم المشورة لدعم مسار الإصلاح والتطوير الذي تبّنته في المرحلة الحالية. ومن المقرر أن يعمل هذا المجلس بالتنسيق المنتظم والتعاون الوثيق والتشاور المستمر مع الأجهزة الدستورية للمنظمة، وهي المجلس التنفيذي، والمؤتمر العام، والأجهزة المتفرعة والأذرع الفنية للإيسيسكو، مثل اتحاد جامعات العالم الإسلامي، ولجنة التراث في العالم الإسلامي، وسفراء الإيسيسكو للنوايا الحسنة، والمجلس الاستشاري الأعلى للتربية والثقافة خارج العالم الإسلامي، وغيرها، وسيأخذ بعين الاعتبار قراراتها وتوصياتها في إنجاز مهامه وتنفيذ أعماله، وكذلك القضايا التي تتناولها المؤتمرات الوزارية القطاعية التي تعقدها المنظمة ونتائج منتدياتها رفيعة المستوى. ويهدف المجلس إلى تحقيق الطفرة المؤسّسية والنقلة النوعية التي ترتقي بالإيسيسكو إلى مقدّمة المنظمات الدولية الكبرى والرائدة في مجالات اختصاصها، ودعم منهج الإصلاح ومسار التطوير الذي تسلكه خلال المرحلة الحالية، وإعمال آلية الشورى، والاستفادة منها في بلورة التوجهات المناسبة واتخاذ القرارات الصائبة، وكذا تسريع وتيرة الوصول إلى الغايات المنشودة من خطط الإيسيسكو وبرامجها. ويتكون المجلس من ستة عشر عضواً، ثمانية من الدول الأعضاء في الإيسيسكو، وثمانية من دول أخرى، يتم اختيارهم من قِبَل الإيسيسكو، وفق معايير محددة، ويمكن زيادة عدد الأعضاء، إذا اقتضت المصلحة ودعت الضرورة إلى ذلك، وفقاً لمتطلبات إنجاز المجلس لمهامه، ووفق الإجراءات المتبعة في هذا الشأن. وتتلخص مهام المجلس في الإسهام بصياغة أهداف الإيسيسكو الاستراتيجية وأولوياتها وتوجّهاتها وتطوير مسارات العمل فيها، واستشراف التوجّهات المستقبلية على المديين المتوسط والبعيد إقليمياً ودولياً، للقضايا ذات الانعكاس المباشر أو غير المباشر على مجالات اختصاص المنظمة. وتقديم المشورة فيما يعرض على المجلس من موضوعات تدخل ضمن اختصاصات الإيسيسكو. كما يختص المجلس بتشجيع الانفتاح على آفاق المستقبل، وتعزيز حضور المنظمة في الساحة الدولية، واقتراح مشاريع ومبادرات مستديمة تلّبي احتياجات مشتركة بين دول العالم الإسلامي، ووضع آليات تنفيذية لها، تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات الواقع والمتغيرات الإقليمية والدولية. وتعزيز المشتركات الاستراتيجية والبرامجية بين المنظمة ومثيلاتها من المنظمات الإقليمية والدولية. وإيجاد شراكة عملية وتوأمة فعلية مع عدد من المنظمات الإقليمية والدولية، للاستفادة من خبراتها المتراكمة. وتعزيز الشراكة بين الإيسيسكو ومؤسسات المجتمع المدني. وتقديم الاستشارات العلمية وإغناء القضايا والمواضيع المقترحة على المؤتمرات الوزارية القطاعية للمنظمة، والمشاركة في جلساتها العلمية.