اعتبر المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة أن التطرف والتشدد والغلو في التدين عكس صورة غير صحيحة لدى الغرب عن الإسلام مما نتج لديهم الخوف من الإسلام أو ما يسمى «الإسلاموفوبيا»، وأكد الدكتور عبدالعزيز بن عثمان التويجري في حواره مع «عكاظ» عدم تدخل الايسسكو لتغيير المناهج التعليمية في الدول الأعضاء التي تتعرض لضغوط خارجية لتغيير مناهجها واعتبره شأنا يندرج ضمن سيادة الدول مؤكدا أن المنظمة تهتم بتجديد المنظومة التعليمية والتربوية في مضامينها وفلسفتها وآلياتها، وأوضح التويجري في حواره أن المدينةالمنورة ستشهد خلال العام الحالي عددا كبيرا من الفعاليات والأنشطة بمناسبة اختيارها عاصمة للثقافة الاسلامية 2013.. ونفى التويجري تدخل سياسات الدول في تأخير تنفيذ استراتيجيات المنظمة معتبرا أن السبب الحقيقي لضعف مستويات التنمية في المجالات الحيوية لبعض الدول الأعضاء هي الظروف الاقتصادية والعوامل الاجتماعية والمناخ العام الذي يسود العالم الإسلامي. وفيما يلي نص الحوار: • لنبدأ من المدينةالمنورة وهي تحتفل خلال أيام ببدء فعاليات اختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية 2013.. ما هي فلسفة المنظمة في اختيار ثلاث عواصم للثقافة الإسلامية كل عام، والمدينةالمنورة بصفة خاصة؟. • عندما وضعت الإيسيسكو برنامج عواصم الثقافة الإسلامية الذي اعتمده المؤتمر الإسلامي لوزراء الثقافة في دورتيه الرابعة المنعقدة في الجزائر سنة 2004 ، والسادسة المنعقدة في باكو سنة 2009 ، حددت له أهدافا استراتيجية تتمثل في تعزيز الوحدة الثقافية الإسلامية، وتقوية علاقات التعاون الثقافي بين الدول الأعضاء، وتعميق مفهوم التضامن الإسلامي، وإحياء التراث الثقافي الإسلامي، وإنعاش الاقتصادات الثقافية والترويج لها وإدماجها في العملية الإنمائية التي تنهض بالمجتمع المحلي. أما اختيار المدينةالمنورة عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2013م، فهو اختيار جاء مكملا للاختيار السابق لمكةالمكرمة عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2005م. وهي أول عاصمة تختارها الإيسيسكو ضمن برنامج عواصم الثقافة الإسلامية. والمدينةالمنورة هي أول عاصمة للدولة الإسلامية، منها انطلقت الفتوحات الإسلامية إلى أنحاء العالم، كما انطلقت منها العلوم الشرعية والثقافة العربية الإسلامية، فهي دائمة الإشعاع مشرقة الأنوار على الدوام في كل العهود. ولذلك فإن اختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية يعبر عن تعلق الأمة الإسلامية بمدينة الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم وانجذابها إليها واعتبارها إياها مصدرا للإشراق الروحي وموئلا للإشعاع العلمي والثقافي. فعاليات على مدار العام • ما هي أبرز استعداداتكم للاحتفالية، وأبرز الفعاليات؟ • لقد أعدت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة برنامجا مفصلا خاصا بهذه المناسبة، يحتوي على مجموعة من الأنشطة سيتم تنفيذها في هذا الإطار طيلة السنة الجارية، أذكر منها عقد المؤتمر الإسلامي الثامن لوزراء الثقافة في المدينةالمنورة بالتعاون مع منظمة التعاون الإسلامي ووزارة الثقافة والإعلام في المملكة العربية السعودية، وعقد الاجتماع الثالث عشر للمجلس الاستشاري لتنفيذ الاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامي في مدينة جدة، بالتعاون مع وزارة الثقافة والإعلام السعودية، وعقد الاجتماع العاشر في لندن لرؤساء المراكز الثقافية والجمعيات الإسلامية في أوروبا لتفعيل مبادرة خادم الحرمين الشريفين حول الحوار بين أتباع الأديان والثقافات بالتنسيق مع المركز الإسلامي في العاصمة البريطانية، وعقد اجتماع في المدينةالمنورة للمسؤولين عن الإذاعات القرآنية في الدول الأعضاء، بالتعاون مع اتحاد الإذاعات الإسلامية، لدراسة سبل تعزيز دور الإعلام السمعي في التعريف بالقيم الإسلامية، وعقد ندوة دولية حول تجديد الخطاب الإسلامي في الغرب من أجل تعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات في مدينة «ليل» في فرنسا، وعقد ندوة إقليمية في جدة حول الفجوة الرقمية ومتطلبات تجسيرها في العالم الإسلامي، بالتعاون مع جامعة الملك عبد العزيز، وعقد ورشة إقليمية في المدينةالمنورة للمسؤولين التربويين حول استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال في التربية البيئية، بالتعاون مع جامعة طيبة. وستكون الإيسيسكو حاضرة ومشاركة في بعض الأنشطة التي ستنفذها الجهات السعودية المسؤولة عن مناسبة اختيار المدينةالمنورة عاصمة للثقافة الإسلامية. وتضع المنظمة خبراتها تحت تصرف القائمين على تنظيم هذه المناسبة التي نتمنى لها النجاح الكامل، والتي لا نشك في أنها ستكون متميزة من النواحي كافة، نظرا للمكانة السامية والمتميزة جدا للمدينة المنورة، ولما اتخذته حكومة المملكة من استعدادات كبيرة، ووفرت لها من إمكانات مناسبة، ووضعت من برامج متعددة وأنشطة متنوعة. وتلك هي مقومات النجاح في كل الأحوال، بعد توفيق الله تعالى. مرحلة جديدة للمنظمة • تحتفل الإيسيسكو بالذكرى الثلاثين لتأسيسها، وتستعدون لمرحلة جديدة فيها العديد من المتغيرات التي تعيشها الشعوب من جراء التفكك والثورات والتغريب. ولا شك أن هذه المتغيرات تدخل ضمن خطط المنظمة في المرحلة القادمة. فما أبرز ملامح رؤيتكم للمرحلة المقبلة؟. • حلت الذكرى الثلاثون لتأسيس المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة إيسيسكو في الثالث من مايو عام 2012، فقد عقد المؤتمر التأسيسي للمنظمة في مدينة فاس المغربية في الثالث من مايو عام 1982، معلنا قيام هذه المنظمة. ولم نكتفِ بإقامة حفل الاحتفاء الرسمي يوم ثالث مايو الماضي في المقر الدائم للإيسيسكو، الذي تميز بالرسالة التي وجهها جلالة العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى المنظمة، ولكننا وضعنا برنامجا ممتدا طيلة العام للاحتفاء بهذه المناسبة نفذت في إطاره عدد من الأنشطة. والواقع أن الإيسيسكو دخلت مرحلة جديدة بعد المؤتمر العام الحادي عشر الذي عقد في الرياض في بداية شهر ديسمبر الماضي، تحت الرعاية السامية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، حفظه الله، فقد اعتمد هذا المؤتمر خطة العمل الثلاثية والموازنة للسنوات (2013 2015)، وهي خطة جد متطورة وذات طموح تنفتح بها المنظمة على آفاق جديدة ببرامج ومشروعات وأنشطة تواكب بها المتغيرات التي تعرفها مجالات اختصاصها، وتهدف أساسا إلى تحديث المنظومة التعليمية والتربوية وتطوير العلوم والتكنولوجيا والاختراع وتجديد السياسات الثقافية والاتصالية والعمل بنظم المعلوميات للولوج إلى مجتمع المعرفة. وتسعى المنظمة من خلال هذه الخطة الشاملة، إلى تعزيز قدرات الدول الأعضاء في مجالات اختصاصاتها. وحيث إن العالم الإسلامي يمر بمنعطف خطير كثرت فيه التحديات وتكاثرت المتغيرات، بل وقعت أجزاء منه في أتون الحروب والاقتتال، وبرزت روح الطائفية لتزيد في تفريق المسلمين، فإن مهام الإيسيسكو في هذه المرحلة وفي المراحل المقبلة، كبيرة وخطيرة، وسنعمل بكل قوة وإخلاص، للإسهام في مواجهة هذه التحديات والتغلب على هذه المشكلات من خلال تكثيف جهودنا في مجالات اختصاص المنظمة التربوية والعلمية والثقافية والاتصالية، وتعزيز شراكتنا مع المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني التي تعمل في هذه المجالات الحيوية. تحالف الحضارات • دور المنظمة في الحوار بين الثقافات والحضارات، هل هو محصور بين الدول الإسلامية، أم لكم رؤية مختلفة تتجاوز ذلك؟. • الحوار بين الثقافات والتحالف بين الحضارات، برنامج مفتوح بلا حدود، تتبناه الإيسيسكو وتنفذ في إطاره أنشطة عديدة، وتشارك مع المجتمع الدولي، في عقد مؤتمرات دولية حول هذه القضايا، وتسهم في المؤتمرات التي تدعى إليها لمناقشة ذات القضايا، ومنها المنتدى الدولي لتحالف الحضارات الذي يعقد دوراته سنويا، والذي أشارك فيه شخصيا ممثلا للإيسيسكو. وأقدم من خلاله رؤية الإيسيسكو إلى قضايا الحوار بين الثقافات والتحالف بين الحضارات. رؤية واضحة • من أبرز قرارات قمة التضامن الإسلامي التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين في رمضان الماضي، إنشاء مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية. كيف ترون هذه الدعوة؟. • هذه دعوة حكيمة صدرت من قائد حكيم يملك الرؤية الواضحة إلى الواقع الذي يعيشه المسلمون في هذه المرحلة. ولقد سبق لي أن نشرت مقالا في جريدة (الحياة) عن هذا الاقتراح الذي اعتمدته القمة الإسلامية الاستثنائية الرابعة المنعقدة في مكةالمكرمة في أواخر شهر رمضان الماضي. فمن شأن هذا المركز الذي تقرر أن يكون مقره في الرياض، أن يسهم في جهود التقريب بين المسلمين، وإزالة أسباب الخلافات التي تضعفهم وتفرق كلمتهم، وأن يجعل من التقريب بين المذاهب الإسلامية حقيقة تتجسد في حياة المسلمين، وتقوي من التضامن الإسلامي، وتدفع بالأمة الإسلامية إلى الأمام على طريق التعاون والتكامل والتنسيق من أجل تحقيق الأهداف النبيلة التي تأسست من أجلها منظمة التعاون الإسلامي والإيسيسكو. أهداف مشتركة • ما دور المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة في التكامل مع هذا المركز؟. • الإيسيسكو تعنى بموضوع التقريب بين المذاهب الإسلامية منذ تأسيسها. وقد وضعت لهذه الغاية (استراتيجية التقريب بين المذاهب الإسلامية) التي اعتمدها مؤتمر القمة الإسلامي العاشر المنعقد في ماليزيا سنة 2003. وقد قطعت المنظمة شوطا بعيدا في هذا المجال، إذ أنشأت المجلس الاستشاري الأعلى للتقريب بين المذاهب الإسلامية، الذي عقد حتى الآن أربعة اجتماعات آخرها عقد في تونس العاصمة في شهر ديسمبر الماضي. ولذلك فإن الإيسيسكو تضع خبراتها في هذا المجال تحت تصرف مركز الحوار بين المذاهب الإسلامية، لتحقيق الأهداف المشتركة. تجسيد التقريب • هل لديكم تفاصيل حول البرامج أو الأهداف المشتركة بينكم وبين المركز؟. • نعم لدينا أهداف مشتركة، وهي تجسيد لفكرة التقريب بين أتباع المذاهب الإسلامية في الواقع المعيش، لتعميق مفهوم الأخوة الإسلامية، تعزيزا للتضامن الإسلامي، من خلال بحث القضايا الخلافية بالمنهج العلمي وبروح الأخوة في الدين، للوصول إلى الصيغة المناسبة للتركيز على القواعد الكلية الجامعة التي توحد بين أهل القبلة. وأود أن أوضح هنا أن للإيسيسكو تجربة طويلة في مجال التقريب بين المذاهب الإسلامية، يمكن البناء عليها وإغناؤها على النحو الذي يجعل من التقريب ثقافة عامة وغاية مشتركة بين جميع المسلمين من كل المذاهب. حماية البيئة • يعد الاتحاد العربي للشباب والبيئة، ككثير من المنظمات الشبابية أو البيئية، أحد أهم الشركاء الداعمين للأنشطة الشبابية والبيئية، فهل هذا امتداد لما اعتمده المكتب التنفيذي الإسلامي للبيئة، ولبرنامج العمل البيئي الإسلامي الذي يهدف إلى تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في مجال حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة في العالم الإسلامي؟ • لقد تقرر إنشاء المكتب التنفيذي الإسلامي للبيئة في المؤتمر الإسلامي الثاني لوزراء البيئة الذي عقد في جدة في سنة 2006، بدعوة من الإيسيسكو وبالتعاون والتنسيق مع الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة في المملكة العربية السعودية، ومع الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي. واعتمد المؤتمر في دورته الثالثة المنعقدة في الرباط في سنة 2008، النظام الداخلي لهذا المكتب. وتتابع الإيسيسكو تنفيذ القرارات والتوصيات التي اعتمدها المؤتمر التي تهدف إلى تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في مجال حماية البيئة وتحقيق التنمية الشاملة المستدامة في العالم الإسلامي، ومنها برنامج العمل البيئي الإسلامي. أما الاتحاد العربي للشباب والبيئة فهو من الأجهزة التي نشأت في إطار جامعة الدول العربية ومؤتمر وزراء البيئة العرب. والتعاون والتنسيق بين منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية وأجهزتهما المتخصصة قائم ومستمر. الخوف من الإسلام • من خلال أبحاثكم ودراساتكم والتقارير الصادرة من الإيسيسكو، هل مصطلح «الإسلاموفوبيا» أصبح يمثل ظاهرة لدى الغرب؟. • لقد أصبح الخوف من الإسلام ظاهرة سائدة في الغرب، يصطلح عليها ب (الإسلاموفوبيا). وللإيسيسكو جهود في التصدي لهذه الظاهرة وبحثها ودراسة أسبابها والظروف المؤدية إليها وانعكاساتها على مستقبل العلاقات بين العالم الإسلامي والغرب ومضاعفاتها الخطيرة على الجهود التي تبذل على الصعيد الدولي لنشر ثقافة العدل والسلام والتعايش والتسامح وتعزيز الحوار بين الثقافات والتحالف بين الحضارات. وهذه الظاهرة العدائية لها من يدعمها في الغرب، سواء في الإعلام أو في الأحزاب السياسية اليمينية. التعامل إعلاميا • وهل من جهود للإيسيسكو للتصدي لظاهرة الإسلاموفوبيا، ومحاربة الصورة النمطية للإسلام في وسائل الإعلام الدولية، وتصحيح المعلومات الخاطئة عنه؟. • تبذل الإيسيسكو جهودا متواصلة في مجال التصدي للإسلاموفوبيا من خلال عقد الندوات والمؤتمرات، سواء في بعض العواصم الأوروبية بالتعاون مع عدد من المنظمات والمؤسسات الإسلامية التي تعمل في الغرب، أو في بعض الدول الأعضاء. وقد وضعت المنظمة (منهج الإيسيسكو لتكوين الصحافيين والإعلاميين لمعالجة الصور النمطية عن الإسلام والمسلمين في وسائل الإعلام الغربية) الذي اعتمده المؤتمر الإسلامي التاسع لوزراء الإعلام المنعقد في شهر أبريل الماضي في ليبرفيل بجمهورية الغابون. وهو منهج علمي الهدف منه تحديد الآليات العملية للتعامل إعلاميا مع هذه الظاهرة وفق رؤية شمولية، وفي إطار القوانين المعمول بها في الغرب. وتعمل الإيسيسكو على مستويات أخرى وبوسائل ثقافية عديدة، في مجال التصدي لهذه الظاهرة. الخوف من المتطرفين • هذا المفهوم أصبح يشكل هاجسا حتى في الدول الإسلامية من حيث انتشار الحركات الإسلامية والخوف من التطبيق؟. • الفهم غير السليم للإسلام هو الذي يؤدي إلى مثل هذه المزالق؛ فالتطرف والتشدد والغلو في التدين، كل ذلك يأتي من سوء الفهم للتعاليم الدينية ولمقاصد الشريعة الإسلامية السمحة. وفي هذه الحالة ينشأ الخوف من الإسلام، وهو في الواقع الخوف من المتطرفين والمتشددين غير المدركين لحقائق الإسلام، وليس الخوف من الإسلام الذي هو نور هداية ودعوة إلى الخير وإلى السلام الروحي الذي منه ينبع السلام الاجتماعي والتعايش الحضاري. تغيير المناهج • هناك أصوات تنادي بتغيير المناهج التعليمية لتواكب مرحلة حوار الحضارات. هل من دور للمنظمة في هذا المجال؟. • الإيسيسكو تهتم بتجديد المنظومة التعليمية والتربوية في مضامينها وفلسفتها وآلياتها، ولا يدخل ضمن اختصاصها تغيير المناهج التعليمية، فهذا شأن يندرج ضمن سيادة الدول الأعضاء. فالهدف الذي تعمل له المنظمة هو التطوير وتعزيز القدرات التربوية والإدارية على الصعيد الوطني في إطار السياسات التعليمية الحكومية، وعلى مستوى التعاون والتكامل والتنسيق بين الدول الأعضاء. ولا دخل لهذه المسألة بحوار الحضارات كما يفهم عالميا. جهود استباقية • نعتمد دائما على مبدأ ردة الفعل على كل ما يحدث في العالم من حولنا وخصوصا فيما يسيء للإسلام، وقد يرى بعضنا غياب المبادرات في منظماتنا الإسلامية .. كيف نستطيع المواجهة بمبدأ «الجهود الوقائية» أو «الاستباقية» حتى لا نكون مجرد مستقبلين؟. • تعمل الإيسيسكو وفق تخطيط محكم ورؤية شمولية لآفاق المستقبل، وبفهم واع رشيد للمشكلات وللصعوبات القائمة وبإحاطة مستوعبة للمتغيرات المتلاحقة، وذلك في إطار خطط عمل ثلاثية متعاقبة، وخطط متوسطة المدى يعتمدها جميعا المؤتمر العام الذي هو أعلى سلطة تقريرية في المنظمة. ومن شأن هذا المنهج العلمي الذي تعتمده الإيسيسكو، أن يوضح معالم الطريق، وأن يمهد أمامها السبل للقيام بالمهام المنوطة بها على أفضل وجه. ولعل هذا هو ما تقصده بقولك (الجهود الوقائية) أو (الاستباقية). فهذا المنهج الذي تعتمده الإيسيسكو هو الذي يحكم عملها في كل المجالات. وبذلك لا نكون مجرد مستقبلين أو نقف في موقف رد الفعل، وإنما نحن فاعلون جادون نعمل بحكمة وتبصر وعلم ومعرفة وعن خبرة وتجربة. استراتيجيات جديدة • اعتمدت المنظمة لمستقبل العالم الإسلامي منذ تأسيسها، 16 استراتيجية، وهي تأتي تباعا حسب متطلبات كل مرحلة ومتغيراتها .. هل ستعتمدون استراتيجيات جديدة وفق المتطلبات والمتغيرات الجديدة في العالم الإسلامي وعلاقته بالغرب؟ وما أبرزها؟. • التخطيط الاستراتيجي لمستقبل العالم الإسلامي قاعدة راسخة من قواعد العمل في المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، فقد وضعت الإيسيسكو حتى الآن ست عشرة استراتيجية، أذكر منها الاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامي، واستراتيجية العلوم والتكنولوجيا والابتكار، واستراتيجية العمل الثقافي خارج العالم الإسلامي، واستراتيجية التكافل الثقافي في العالم الإسلامي، واستراتيجية تطوير التقانة الأحيائية في العالم الإسلامي، واستراتيجية تدبير الموارد المائية في العالم الإسلامي، واستراتيجية تطوير التعليم الجامعي في العالم الإسلامي، واستراتيجية تطوير تقنية المعلومات والاتصال في العالم الإسلامي، واستراتيجية تطوير الطاقات المتجددة في العالم الإسلامي، واستراتيجية تنمية السياحة الثقافية في العالم الإسلامي. وتلبي هذه الاستراتيجيات، التي اعتمد مؤتمر القمة الإسلامي في دوراته المتعاقبة جلها، حاجات التنمية التربوية والعلمية والثقافية والاتصالية في العالم الإسلامي. وإذا برزت الحاجة إلى استراتيجيات جديدة، فالإيسيسكو ستكون سباقة في إعدادها والإشراف على تطبيقها. تنفيذ ومتابعة • ما مدى رضاكم عن تحقيق نتائج الاستراتيجيات؟. • التنفيذ العملي لاستراتيجيات الإيسيسكو هو من مسؤوليات الدول الأعضاء. ولا يعني هذا أن مهمة المنظمة تنتهي عند وضع الاستراتيجية واعتمادها من المؤتمر العام، ومن المؤتمرات الإسلامية القطاعية، ثم اعتمادها من مجلس وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي، قبل المصادقة عليها من مؤتمر القمة الإسلامي. فالإيسيسكو تتابع عمليات التنفيذ، وتنشئ هيئات مختصة بهذا الغرض، وتعنى بإعداد آليات للتنفيذ ومتابعتها. وهي تستند إلى هذه الاستراتيجيات في وضع خطط العمل الثلاثية وفي إعداد البرامج والأنشطة والمشروعات الحضارية الكبرى، وهو الأمر الذي يؤكد التنفيذ العملي للاستراتيجيات في العمل الذي تقوم به الإيسيسكو. تقدم ملموس • لم تلمس الشعوب، على سبيل المثال، استراتيجية تطوير التعليم الجامعي في العالم الإسلامي التي اعتمدت سنة 2006م، أو استراتيجية التقريب بين المذاهب الإسلامية التي اعتمدت سنة 2003م .. في رأيكم ما الأسباب؟. • كما أوضحت لك في الجواب عن السؤال السابق، فإن الدول الأعضاء هي المسؤولة أولا ً وقبل كل شيء، عن العمل بمقتضى الاستراتيجيات التي تضعها المنظمة والتي تلتزم بتطبيقها في المؤتمرات المشار إليها. لأن اعتماد الدول لهذه الاستراتيجيات ولغيرها من الوثائق التأسيسية، هو التزام واضح بالعمل بها. أما بخصوص ما أشرت إليه من أن الشعوب لم تلمس استراتيجية تطوير التعليم الجامعي في العالم الإسلامي، أو استراتيجية التقريب بين المذاهب الإسلامية، فهذا يخالف حقائق الأشياء. ذلك أن هناك تقدما ملموسا في مستويات التعليم الجامعي من خلال الاستفادة من مضامين هذه الاستراتيجية وأهدافها المفصلة وآليات تنفيذها. كما أن هناك تقدما لا بأس به في الإحساس العام الذي يسود المجتمعات الإسلامية بخطورة الخلافات المذهبية والنزاعات الطائفية، وفي الوعي بضرورة العمل من أجل التخفيف من حدتها والتقليل من تأثيرها. ظروف اقتصادية • في رأيكم هل للسياسية دور في تأخير تنفيذ استراتيجياتكم؟. • كلا. ليس هذا صحيحا. إن تنفيذ الاستراتيجيات لم يتوقف قط، أو لنقل لم يتعثر تنفيذ مضامين بعض الاستراتيجيات بسبب إرادة سياسية، وإنما بسبب الظروف الاقتصادية والعوامل الاجتماعية والمناخ العام الذي يسود العالم الإسلامي. فلا أحد يشك في وجود الإرادة السياسية المصممة على مواصلة العمل في مجالات التنمية جميعا، ولكن شح الموارد وضعف القدرات وضآلة الإمكانات لدى العديد من الدول الأعضاء، هي التي تؤدي إلى ضعف مستويات التنمية في هذه المجالات الحيوية جميعا.