كثيرة هي المهارات والقدرات والفنون التي يحتاجها الإنسان للوصول للهدف الأكبر في الحياة وهو السعادة، وسط كل هذه المتاعب والضغوط والخيبات. وأنا هنا لن أكتب عن تلك الفنون والمواهب التقليدية المهمة التي يحتاجها البشر وهي الرسم والنحت والموسيقى والغناء والرقص والخط والتصوير والرياضة، وهي بلا شك فنون ضرورية تُضفي على حياتنا الكثير من البهجة والمتعة والسعادة، ولكنني سأرصد سبعة من الفنون والمهارات والجماليات الحياتية التي تستحق أن تتكون منها شخصية الإنسان: الأول: هو "فن الصمت" والذي قد يتحوّل إلى مستويات وحالات أعلى كالإنصات والتأمل والتفكّر. الصمت الذكي وسط الضجيج الغبي الذي تُثير غباره النقاشات والصراعات الغوغائية، ليس ضعفاً، بل قوة وحكمة وبصيرة. الثاني: هو "فن التخلي" عن كل الأفكار والثقافات والعادات البائسة والسلبية التي تُسقطنا في مستنقع الحزن والكآبة. الكثير من الأفكار والعادات والتقاليد التي تُسيّج حياتنا، آن لنا أن نفر منها ونتخلى عنها. الثالث: هو "فن اللامبالاة" الذي يتكون من مجموعة من الفنون الحياتية الضرورية كالتغاضي والترفّع والتسامي والتناسي. التدقيق الشديد وملاحقة التفاصيل، قد تُحيل حياتنا إلى جحيم، لذا فوجود اللامبالاة أحياناً في فكرنا ومزاجنا وسلوكنا، يُخفض نسبة ضغوطاتنا وأوجاعنا وآلامنا. الرابع: هو "فن الابتسام" والقدرة على صنع حالة من الرضا والفرح والقناعة وسط كل تلك الركامات الهائلة من الضجر والملل والحزن والمعاناة في حياتنا. التعلّم والتدرّب على رسم البسمة ونسج الفرح وسط الظروف والأوضاع الصعبة، هو أحد أجمل الفنون والمهارات التي تستحق الاهتمام والتوجيه في حياتنا. الخامس: هو "فن الشغف" المتمثّل في البحث الدائم عن شواطئ الفرح ومصادر الألق. الشغف المتجدد هو الرغبة الملّحة في سبر أغوار النفس وأعماق الروح. فالحياة بلا شغف مستمر، أشبه بمياه آسنة لا روح فيها. السادس: هو "فن الانطلاق" الذي يُكسّر جدران التردد وبراويز الجمود. الحياة رحلة جميلة، زادها التحرر من الرفقة البائسة التي تحمل الخوف والتخشب. الانطلاق الذكي والواعي، أحد أجمل فنون الحياة. السابع: هو "فن الامتنان" على كل ما تملكه من نعم وثروات وقدرات، وهي وإن بدت للبعض بسيطة وعادية، إلا أنها هي من تُؤثث أرواحنا وتُجمّل حياتنا. الشكر والتقدير والامتنان، ثقافة ومهارة وفن، نحتاجها كثيراً في حياتنا التي يسود فيها الطمع والأنانية والتعالي. باقة مختارة من الفنون الحياتية الجميلة التي تستحق أن تتمظهر في تفاصيل حياتنا الصغيرة والكبيرة، وهي ليست جيبنات وراثية تُولد مع الإنسان، بل هي ثقافات وعادات وسلوكيات نكتسبها ونتعلمها ونتدرب عليها لتتحول إلى فنون حياتية جميلة.