تنبهت معظم الدول في العالم إلى أهمية الأسماء الجغرافية في ماضيها وحاضرها ومستقبلها، فأولتها العناية الكبيرة وخصصت معظم دول العالم روابط أو جمعيات لتعتني بهذه المسميات الجغرافية لأهمية الموضوع، وكانت بعض من الدول العربية سباقة في هذا المجال فقد تشكّلت لجان للنظر بالأسماء الجغرافية منذ الثمانينات الميلادية، في الأردن - مثلاً - وفي يوم الثلاثاء الموافق 6/ 3 / 2018م وافق مجلس الوزراء السعودي بعد الاطلاع، على التوصية المعدة في مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية رقم (12 22 / 39 / د / على القواعد المنظِّمة لعمل اللجنة الوطنية للأسماء الجغرافية. ولطالما انتظرتُ مثل هذا الخبر.. إذ المتأمل للساحة الجغرافية يستغرب من تأخر قيام هذه اللجنة، في دولة ثقيلة في الميزان كالمملكة العربية السعودية.. فهناك أسئلة حول تحديد بعض المواقع التاريخية الجغرافية في المملكة، كأماكن وحدود المعارك، والغزوات، والأعيان المدنية التاريخية كأسواق العرب - كمكان سوق عكاظ - مثلاً -وما أثاره من جدل.. والتي فصلت فيها لجنة على عهد الملك فيصل.- هذا وقد رصدتُ جملة من الأغلاط التاريخية والعلمية في تسمية بعض الشوارع ومن ذلك: 1- شارع في إحدى محافظاتجنوبالرياض... كتب عليه بقمي بن مخلد - والصواب بقي بن مخلد، وهو أحد الرواة عن أحمد بن حنبل، ويا بعد ما بين الاسمين بقي وبقمي.. 2- طلحة بن عبدالله - رضي الله عنه - اسم شارع في محافظة الخرج .. والصواب طلحة بن عبيدالله، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة. 3- سفيان بن خفاجة. اسم شارع والصواب سنان بن خفاجة. (شاعر عباسي).. 4- شارع الماوزدي.. والصواب الماوردي...أكبر قضاة الدولة العباسية). وقد شاهدتُ شارعاً، في الرياض، بحي السعادة كتب عليه: عفيف بن زنيم.. ويا بعد ما بينهما (عفيف وزنيم).. وتتبعت كتب التراجم.. ولم أجد إلا سارية بن زنيم الدؤلي، الذي ناداه عمر بقوله: يا سارية الجبل. إن بعض أسماء الشوارع التي يطلق عليها بعض الأعلام (وما أكثرها) تفتقر إلى إعادة تحديث، إذ إنها تحتمل أكثر من علم، مثل شارع محمد سرور الصبان، وشارع محمد سرور الصباغ (في محافظة جدة)، وبالمناسبة اعترضت أسرة الصبان على وزارة الشؤون البلدية والقروية، ووزارة التجارة والاستثمار على اختزال أمانة جدة اسم «الصبان» بوضعه على شارع فرعي في حي الصفا. والذي يعمل مسحاً ميدانياً لأسماء بعض الشوارع سيجد ما يثير تساؤله وليس هذا في حد ذاته مشكلة، إنما المشكلة فيما تثيره من تساؤل ربما يفضي إلى التوجهات السياسية، لبعض هذه الأسماء. مثلما فعل أحد المواطنين حين طالب من أمانة مدينة الرياض عبر تويتر، بتغيير اسم شارع يحمل اسم «أبي بكر البغدادي» في حي المروج، من جهتها أكدت الأمانة في تقرير نقله موقع صحيفة «سبق» في (2 فبراير/ 2016) أن الأمر «مجرد تطابق بالأسماء، ولا تقصد بهذه التسمية زعيم تنظيم داعش المزعوم». أقول نحن بحاجة لإعادة تسمية بعض الشوارع، أو إضافة بعض الأسماء التي تعد رموزاً وطنية، بحق مثل الجنود السعوديين الذين شاركوا في حرب 76. وشهداء الواجب مثلاً وكم أعجبني إطلاق اسم غالية البقمية، على أحد شوارع حي الخالدية بمحافظة الخرج. وغالية قادت معركة «تربة» الشهيرة عام 1228، وانتصرت بها مع جيشها ضد قائد الدولة العثمانية وقواته الغازية، إبان الدولة السعودية الأولى. إطلاق الأعلام على الشوارع تعد مكافأة وطنية فاخرة لمن يستحقها كإطلاق اسم علي فرمان خان على أحد شوارع جدة والذي ضحى بنفسه لإنقاذ 14 شخصاً في سيول عام 1430ه. تُرى هل سنرى شوارع باسم الدكتوره خولة الكريع، عالمة أبحاث السرطان أوالدكتورة حياة سندي، عالمة التقنية الحيوية أو الدكتورة هويدا القثامي أول استشارية لجراحة القلب بالشرق الأوسط. أو الشيخ عبدالله بن عوض بن ظفير السرحاني أحد أبطال الجيش السعودي في حرب فلسطين عام 1948م. وليت الأمر لا يتوقف عند الشوارع بل لعله يتمدد إلى الميادين، ومحطات القطار، وبوابات المطارات، والقاعات الكبيرة في الجامعات وأسماء المدارس من الجنسين.