تعتبر إدارة المنظمات الصحية من أعقد الملفات عالمياً وأكثرها صعوبة وذلك لتداخلها مع بعضها البعض على مستويات مختلفة من تجهيزات مادية وعناصر بشرية وأدوات معرفية في سباق كبير ومحموم مع مستجدات كثيرة من أمراض جسدية ونفسية وأزمات بيئية خانقة تعصف بالعالم أجمع. ولا يمكن أن تنجح أي منظومة عمل صحية بشكل جيد دون أن تتكامل عناصرها من خلال تواصلها والاتصال الفعال لتفادي الأزمات التي قد تخلف أضرار كبيرة على مستوى الأفراد أو المجتمع ككل. ويعاني مجال الرعاية الصحية لدنيا من تداخلات كثيرة واختلالات متعددة فهناك توسع في تقديم الخدمة يواجه بطلب متزايد يقابله نقص شديد وحرج في أعداد الكوادر البشرية، إذ يمثل التمريض أهم العناصر التي تواجه نقصاً كبيراً على مستوى العالم حيث تذكر الأرقام أن المواطنين الذين يعلمون في هذه المهنة المهمة لا يتجاوزون 15 %، وهذه الأرقام تحتاج إلى قرارات استراتيجية، حيث إن معدل البطالة لا يتناسب مع وجود مثل هذه الأرقام. من هذا المنطلق طرحت وزارة الصحة مبادرة لاستقطاب الكوادر التمريضية وإعادتها إلى الممارسة نظير ابتعادها عن الممارسة لأسباب مختلفة ومتعددة سواء لوجود فرص أخرى جاذبة أو مميزات أخرى فقد يتنازل الممرض عن الممارسة السريرية مقابل خفض المميزات المادية في ظل المستوى المحدود لرواتب الممرضين والممرضات أساساً والمميزات والبدلات التي يحظون بها في مقابل المسؤوليات والمهام المنوطين بها من التعامل مع المرضى وذويهم والكادر الطبي من أطباء وصيادلة وإداريين وتشغيل أجهزة ومعدات.. وتقديم الرعاية اللازمة في أقسام الطوارئ والإسعافات والأقسام المختلفة فكل هذه المهام تثقل من كاهل التمريض في ظل زيادة أعداد المرضى والنقص الشديد في الممرضين، مما ينعكس بدوره على حياة الممرض والممرضة ورضاهم الوظيفي أو حتى جودة خدمة الرعاية للمستفيدين من المرضى والمصابين. إن أحد أهم الركائز الأساسية والمهمة جداً في إدارة التمريض بكفاءة عالية ووضع أسس للتوطين وتطوير المهنة واستقطاب الكفاءات التمريضية المميزة والمحترفة واستحداث وكالة للتمريض كجزء من وزارة الصحة ليتسنى لها متابعة شؤون التمريض وتقديم الدراسات والأبحاث والمؤشرات المستقبلية للدراسة التحديات وبناء خطط استراتيجية مستقبلية للاحتياجات من الكوادر الوطنية وكذلك البرامج الأكاديمية المتخصصة في مجال التمريض بالتعاون مع الجامعات المحلية والعالمية. وكذلك الاستفادة من التجربة الأميركية في التمريض من خلال الدورات المتخصصة وفي المجالين الأكاديمي والمهني نطراً لما تمثله تجربة التمريض الأميركية من قوة معرفية وممارسة إكلينيكية متقدمة تنعكس بدورها على الرعاية الصحية بشكل إيجابي وكذلك تطوير العملية التمريضية بشكل أوسع. من المهم جداً الاستفادة من التخصصات الصحية والعلمية الأخرى من خلال برامج تدريب في مجال التمريض خصوصا لخريجي طب الأسنان والصيدلة والعلوم والعلوم الصحية.. التي تعاني من من شح في الفرص الوظيفية مقابل الفرص الوظيفية الكبيرة في مجال التمريض.. مجال الرعاية الصحية مجال تكامل للفريق المعالج من تمريض وأطباء وكوادر مساعدة وفي حال اختلال هذا التوازن تختل المؤسسة الصحية ككل ويتدنى معها مستوى الرعاية المقدمة للمريض بشكل كبير والذي يمثل عبئا اقتصاديا كبيرا في المستقبل في ظل الطلب المتسارع والمتصاعد على الرعاية الصحية عالمياً وليس محلياً. إن مهمة توطين الوظائف وخلق فرص ومسارات وظيفية مهمة وطنية بالدرجة الأولى، وتحتاج إلى تعاون الجهات المختصة سواءً الصحة أو العمل والتعليم وذلك من أجل تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030.