بعض الكلمات تبني مجداً تليداً، والبعض الآخر قد يهدم قمة شاهقة، ولست ضد مدرسة النقد، أو مهاجماً لها ولروادها، بل مؤيد ولكن بأساليب تربوية سليمة وصحيحة، فالنقد الإيجابي في غاية الجمال ويسعى لهدف الحوكمة والتجويد، فالابتعاد عن التقليل من شأن الآخر، والحد من خدش الذات، أمر مهم جداً، وفي غاية الأهمية. فعلى سبيل المثال، وجه لي ولزملائي أحد أستاذتي في الجامعة، والذي لا أكاد أنساه من الدعوات، ولا أريد ذكر اسم أستاذي تقديراً لسمو ذاته وعلو أخلاقه وابتعاداً عن التحيز، وجه لنا عبارة لم ولن أنساها ما حييت، كان لها أثر كبير في النفس، كانت بمثابة محفز كبير جداً على تحمل ومواجهة الكثير من العقبات والمصاعب، كانت تلك العبارة ( يا زميلي وأخي، انتبه، يا تتقدم أو تتقادم)، وتعني تلك العبارة الطريق لا يحتمل خيارين إما أن تتطور إلى الأمام أو تعود إلى الوراء، ما أجمل النقد القاسي الهادف، عندما يكون بأسلوب أكاديمي تربوي ناجح، ألقت تلك العبارة بظلالها وكانت النتائج مبهرة. تلك الكلمات والعبارات التي تتداول بشكل يومي بين أوساط البيئات التربوية والمؤسسات التعليمية بمختلف مجالاتها، يتم إلقاء بعض العبارات السلبية التي لها جانب مظلم وأثر غير نافع يقع على عاتق المتعلم، وليس فقط في المؤسسات التعليمية، بل حتى أنت أيها الأب وأنتِ أيتها الأم تجنبا تلك العبارات والكلمات، ذات الطابع السلبي في التعامل مع بعض السلوكيات الصادرة من الأبناء، أعلم مدى حرصكما، وأنها تصدر في كل الأحوال من غير قصد، ولكن ليس لتلك العبارات أي جدوى، وأعني بذلك استهداف السلوك بالنقد خير بكثير من توجيه تلك السهام على ذات الابن أو الابنة، وعلى سبيل المثال عندما تقول لابنك أنا أكره السهر خارج المنزل لأوقات متأخرة، استهدفت ذلك السلوك غير المرغوب والتي لا تفضله وهو السهر لأوقات متأخرة، ولم تمس ذات الابن. أخي المعلم، وأختي المعلمة، عزيزي الأب، وعزيزتي الأم، أنيروا سماء اليأس، بشموع الأمل الهادئة، في من ولاكم الله عليهم، فكلماتكم تبني الأمم، وصبركم وحلمكم تزيد الهمم، وكلماتي تلك من قلب تربوي محب، بهدف التطوير والتحسين، وليس كما قد يتبادر للبعض، بأنه مقال هجومي أو بقصد. أيها الابن، وأيتها الفتاة، والدك ووالدتك لهما عليكم حق وواجب شرعي تجاههم، إياك ثم إياك ثم إياك أن يروا منك ما يكرهون، مهما بلغ الأمر والمطلب، احذر أن تغضبوا الرب، وانتبهوا لمشاعرهم، هامسوهم بلطف، أفعلوا كل ما يحبون، فلا يشكك بحبهم تجاهكم إلا من يجهل الكثير، اغتنموا تلك الأوقات، فإذا ذهبت لا ينفع بعد ذلك شيء. أنا، وأنتم، نؤثر ونتأثر بتلك العبارات سلباً أو إيجاباً، وينعكس ذلك على حياتنا اليومية، فتعلمت من تخصصي البعد عن المسميات التي تقلل من جرح الذات، وكره إطلاق المسميات الحادة والقاسية والجارحة تجاه أي فئة، تعلمت تدوير تلك العبارات والكلمات لتكون أكثر لطفاً، فاحترام الانسان واجب ديني وقيمي بل عالمي. * باحث تربوي