انهيار المخطط الإيراني في المنطقة فرصة أمام الحوثي للعودة إلى الطريق الصحيح أكد مختصون في الشأن السياسي في الشرق الأوسط أن المملكة دولة ترفض تسييس ملف الأسرى بأي شكل من الأشكال؛ لأنه ملف إنساني بحت، فهي دولة بادرت في إطلاق سراح أكثر من "300" أسير يتبعون للحوثي في اليمن ضمن جهود التحالف لإنجاح اتفاق الرياض، مشيرين إلى أن تسليم الأسرى السعوديين الستة أول من أمس جاء وفق مخرجات اتفاق استوكهولم، ومبادرة الحوثي خطوة إيجابية في حالة إذا أراد قدماً بالوصول إلى حل سياسي للأزمة اليمنية، خاصة أن المملكة تدعم كافة أبناء الشعب اليمني دون تمييز. وقال مستشار النزاعات الدولية أستاذ القانون الدولي الأكاديمي السوري د. محمد الشاكر ل"الرياض": إن إطلاق المملكة أكثر من "200" أسير يمني جاء من الناحية الإنسانية لتؤكد قيم التسامح التي سارت عليها المملكة العربية السعودية كهوية ثابتة في سياساتها، التي تقوم على تأكيد دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، كما يعكس أدوارها التاريخية في حل النزاعات بالطرق السلمية، وفي إطار رغبة المملكة في حفظ السلم والأمن الدوليين في منطقة تشكل شرياناً للاقتصاد العالمي، وبالتالي فهي خطوة تدعم استمرار المملكة بالجهود الرامية لإنهاء النزاع في اليمن، وتأكيد لجميع الأطراف بالرغبة السعودية في دعم جهود حل الأزمة في اليمن كمقدمة لاستقرار المنطقة، وهي في الوقت ذاته رسالة لقطع الطريق على إيران التي تعمل على سياسة نشر الفوضى، ومن جهة أخرى تأتي هذه الخطوة تأكيداً لالتزام المملكة بالاتفاقيات الدولية وقواعد القانون الدولي الإنساني بشأن معاملة الأسرى في النزاعات المسلحة، استناداً لاتفاقية جنيف الثالثة للعام 1949، وأضاف أن إطلاق الحوثي عدد ستة أسرى سعوديين كذلك يعتبر خطوة إيجابية، وهو يعد أحد مخرجات اتفاق استوكهولم ، واستناداً للتفاهمات التي تجري من جميع الأطراف وفي مقدمتها المملكة لحل الأزمة في اليمن بالطرق الدبلوماسية للحفاظ على وحدة الشعب اليمني، ولذلك تعتبر هذه الخطوة مؤشراً إيجابياً وخطوة في الاتجاه الصحيح، والمضي قدماً في حالة إذا أرادت الوصول إلى حل سياسي للأزمة اليمنية، والنأي عن الدفوعات الإقليمية التي تقف وراءها إيران لتحويل بلدهم إلى ساحة حرب وقودها الشعب العربي في اليمن، ولهذا نأمل أن تكون الخطوة الحوثية مقدمة لحل الأزمة بين اليمنيين، خصوصاً أن الخطوة السعودية في إطلاق الأسرى الحوثيين تعتبر بدافع إنساني ولا تقبل تسييسها بأي شكل من الأشكال، وكذلك كمقدمة لإحلال السلام في اليمن، وأكد الشاكر أن السياسة الإيرانية تحاول استغلال مواصلة إشعال الفتنة في اليمن، وهي في الوقت الحالي أدركت أنها محاصرة بشكل حقيقي جراء الضربات الأميركية وقطع أذرعها في عدد من الدول العربية، إضافة إلى أن المجتمع الدولي عازم على مواجهة الدول الداعمة للإرهاب ووكلائه وعلى رأسها إيران المصدرة للإرهاب، فالسياسة الإيرانية في محيطها تتأسس على مبادئ المذهبية وتصدير "الثورة" الإيرانية، وبالتالي تأكيد لنهج الخميني في المشاغبة المستمرة، وعلى هذا الأساس فإن نظام الملالي شرعن لنفسه فكرة التدخل في شؤون الدول الأخرى، وفي ذلك خرق لمبدأ عدم التدخل في القانون الدولي، سبيلها في ذلك الولوج عبر الخاصرات الرخوة ومصادرة مكونات بعينها والتغرير بها، في إطار سياسة إيرانية تقوم على التدخلات وصناعة الفوضى من خلال أذرع إيران في المنطقة، مشيراً إلى أنه آن الأوان أن تدرك جماعة الحوثي أن الدول ليست جمعيات خيرية، وأن وقوف الإيراني خلفها هو محاولة يائسة للضغط على المملكة ليس إلا، وأن هذه السياسات أوقعت إيران في استنزاف طويل بدءاً من لبنانوالعراق وسورية واليمن، وانتهاء بمحاولاتها اليائسة في الخليج العربي، التي تزامنت مع رغبة دولية في تجفيف منابع الإرهاب وأدواته في المنطقة وفي مقدمتها الأذرع التابعة لإيران، وما على جماعة الحوثي أيضاً إلا أن تدرك التحولات الأخيرة التي كشفت النيات الإيرانية في تدمير المنطقة وتجويع شعوبها، وهو ما ظهر جلياً في رغبة الشعوب التي ورطتها إيران في حروب لا تبقي ولا تذر، وانقلاب السحر على الساحر الإيراني، وذلك بانسداد بوابة الولاء الشعبي لإيران في أهم معاقله في العراقلبنان، لذلك تحاول إيران اليوم تعويض انسداد بوابة الولاء الشعبي بالتنسيق مع تركيا التي تتفق معها في إعادة تدوير الجماعات العابرة للحدود والوطنية في المنطقة العربية، وهو ما ظهر جلياً في تحالفات الدولتين في سورية بعد تسع سنوات من صراعاتهم على الأرض السورية على حساب الشعب السوري ووحدته، وما على ميليشيا الحوثي - كمكون يمني - إلا أن تعي ذلك. بدوره ذكر المحلل السياسي المصري أسامة الهتيمي أن ما شهدناه مؤخراً بشأن قيام المملكة بتسليم نحو "200" أسير حوثي ليس المرة الأولى التي تقوم فيها المملكة بهذا الفعل، فقد سبق وأن تكرر ذلك مراراً على مدار السنوات الماضية، ومنذ اندلعت عاصفة الحزم في مارس 2015م، انطلاقاً من مبدأين أساسيين: أولهما إصرار المملكة على أن تبدي دائماً حسن نياتها والتزامها بالاتفاقيات الثنائية أو المعاهدات الدولية وآخرها اتفاق استوكهولم الموقع في نهاية 2018م، وثانياً استحضار البعد الإنساني في قضية الأسرى، وهو ما يتسق مع الكثير من المواقف الأخرى التي بدا فيها الجانب السعودي مراعياً أقصى درجة لهذا البعد، الأمر الذي تلمسه كل المعنيين بالملف اليمني، حتى إن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث قدم شكره الخاص للمملكة لفتحها مطار صنعاء للرحلات الإنسانية وإطلاقها سراح أسرى حوثيين، مضيفاً أنه في المقابل فإن الخطوة التي اتخذها الحوثيون وقيامهم بتسليم ستة من الأسرى السعوديين تمثل أيضاً بادرة أمل جديدة في إمكانية أن تتوصل التفاهمات إلى تجاوز حالة الصراع المسلح، ومن ثم فإنه يمكن الاستفادة جيداً من مثل هذه العمليات لتبادل الأسرى للبناء لمرحلة جديدة تنتهج نهجاً تفاوضياً لإنهاء الإشكاليات المتعلقة عبر حوار سياسي يراعي أولاً وأخيراً مصلحة اليمن وتطلعات شعبه والأمن القومي العربي، وقال :لا شك أن الخطوة الحوثية جاءت بشكل إيجابي، وهي استجابة للعديد من تطورات الأوضاع يأتي في مقدمتها حزم التحالف بقيادة المملكة في دعم استقرار اليمن، فيما كان لتصعيد التوتر بين الولاياتالمتحدة الأميركية من جانب وإيران من جانب آخر أثره في تحريك الماء الراكد، وذلك بعد أن أدرك الحوثيون أن المملكة دولة ترفض التسييس بقضية الأسرى، وأنها عازمة على حل سياسي لجمع وحدة الشعب اليمني بكافة مكوناته، ومن يمد يد الصلح فإن المملكة معروفة لدى العالم أجمع بأنها يد خير وسلام، ولذلك الاستفادة من حكمة المملكة في "اتفاق الرياض" بجمع الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي تؤكد حرصها على الوحدة اليمنية.