خروج بغداد من قبضة الملالي حوّل حلم الإمبراطورية الفارسية لكوابيس مازال الغضب الشعبي ضد وكلاء إيران في كل من العراق ولبنان يتنامي يوماً تلو الآخر، وعلى الجانب الآخر يواصل نظام الملالي القمعي سياسته القائمة على التدخل في شؤون المنطقة، ورغم إصرار إيران على الظهور بمظهر الدولة الطبيعية الحريصة على استقرار المنطقة ولكن تفضحها بسرعة تصريحات مسؤوليها ومواقف قادتها تجاه الاحتجاجات الشعبية التي يشهدها العراق ولبنان ضد الفساد والتغلغل الإيراني، ولا يخفى عن أي متابع المساعي والمطامع الإيرانية التي استباحت دماء ملايين الأبرياء من أبناء المنطقة العربية. وفي حوار خاص ل"الرياض"، قالت السيدة إلهه عظيم فر، عضو اللجنة الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية: إن حياة نظام الملالي تعتمد على القمع في الداخل وتصدير الرجعية والإرهاب للمنطقة، مؤكدة أن ما يحدث في العراق الآن يبشر بانهيار العمق الاستراتيجي لنظام ولاية الفقيه، ويحوّل أحلام الهلال الطائفي والإمبراطورية الإيرانية لكوابيس موحشة.. وإلى نص الحوار: * كيف أثّرت انتفاضة العراق في الداخل الإيراني؟ * بعد العبور المنتصر للانتفاضة العراقية من مرحلة القمع وثباتها وتوحدها، ومع ظهور توقعات النصر أكثر فأكثر، يمكن بوضوح رؤية توسع الظل الأسود للذعر فوق رأس النظام، التظاهرات في العراق هي أزمة حاسمة للغاية بالنسبة للنظام الإيراني، خاصة أن الانتفاضة في العراق ليست مستمرة فحسب بل تتوسع وتنتشر أيضاً، فقسم من الشعب الموجود في الشوارع هم من الشيعة الذين كانوا يعتبرون قاعدة النظام، وتتركز تظاهرات العراقيين في بغداد والمدن الجنوبية التي يشكل الشيعة أغلبية سكانها، لا سيما مدينة كربلاء والنجف اللتان تجريان فيهما التظاهرات ويعرف الناس فيها عدوهم جيداً، ويحرقون فيها صور خامنئي وخميني وقاسم سليماني. إن حياة نظام الملالي تعتمد على القمع في الداخل وتصدير الرجعية والإرهاب للمنطقة، ويمكن القول إنه كما كسر صنم خامنئي في انتفاضة العام 2009، وبعد ذلك وُضع خامنئي في مرحلة السقوط للهاوية، وفشلت خططه الاستراتيجية كخطته الرامية لتوحيد أسس نظامه، فإن انتفاضة العراق أحرقت صنم الولي الفقيه الرجعي على مستوى المنطقة، إن انتفاضة وإرادة الثوار غيَّرت وأثبتت حقائق مهمة على رقعة السياسة الإقليمية والدولية بشأن العراق، والأهم من ذلك أنها فرضت نفسها كمعلمة مهمة وحاسمة على المعادلات السياسية. العسكرية الضيقة لطهران على حساب مصلحة الشعب.. ما الذي أحدثه نظام الملالي؟ -العراق له أهمية استراتيجية بالنسبة للنظام، بسبب توازنه في جميع أنحاء المنطقة وللتحايل على العقوبات. لقد حوَّل الملالي العراق إلى فنائهم الخلفي على مر السنين، واعتمدوا على أدواتهم وعملائهم في العراق للتضحية بمصالح الشعب العراقي خدمةً لأغراضهم الشريرة والشيطانية، لهذا السبب يهاجم المنتفضون العراقيون صور خامنئي وقاسم سليماني بكل غضب وكراهية، وفي الانتفاضة الحالية في العراق يرى نظام الملالي سقوطه على يد الشعب الإيراني. وبالطبع، نظراً لوجود سيادة مزدوجة للولايات المتحدة والنظام من الناحية السياسية في العراق، وهيئة الحكم العراقية مكونة من نسيج مزدوج، فإن الظروف في العراق تختلف عن إيران، والقمع الذي يمارسه النظام الإيراني هناك لا يقارن بالقمع الذي يمارسه في إيران. لقد أوضح خامنئي وقادة النظام مرارًا وتكرارًا أن العمق الاستراتيجي للنظام يقع خارج حدود إيران ويمتد إلى البحر الأبيض المتوسط، لذلك عندما عرَّضت عاصفة الثورة الديموقراطية العراقية العمق الاستراتيجي للنظام لخطر الانهيار، فهذا يعني توجيه ضربة استراتيجية للنظام. من ناحية أخرى، في استراتيجية بسط نفوذ ولاية الفقيه في المنطقة وتشكيل الهلال الطائفي، ولأسباب جيوسياسية، فإن العراق يلعب دوراً فريداً في الحفاظ على النظام، فإذا خرج العراق من قبضة النظام، في المقام الأول، ستفقد قوة القدس الإرهابية، وفي المقام الثاني قوات الحرس سبب وجودهم. * في غضون أسبوع واحد أحرق متظاهرون مقر القنصلية الإيرانية في مدينة النجف ثلاث مرات.. ما الذي تعكسه تصرفات الشعب العراقي الغاضب؟ * شكّل إحراق قنصلية النظام الإيراني في النجف، - كونها تمثل رمز لسلطة ونفوذ النظام في العراق -، نقطة انعطاف في الانتفاضة العراقية؛ ثلاث مرات سيطر أهالي النجف على قنصلية النظام في هذه المدينة، وقاموا بحرقها. ونظام الملالي يدعي الوصاية الخاصة على كل شيعة العالم، خاصة شيعة العراق. لذلك، سعى النظام بشدة لمنع السيطرة على هذه القنصلية وإبادتها، وفي هذا الصدد طالب الحكومة العراقية بإصرار؛ اتخاذ إجراءات حاسمة ضد المتسللين إلى القنصلية؛ وعملاء النظام الإيراني القمعيون فتحوا النار أيضاً على الشعب العراقي، وقتلوا 28 شخصاً منهم، ولكنهم لم يستطيعوا وقف الهجوم الشعبي الذي كان مصمماً على القضاء على رموز الاحتلال في بلادهم والمتمثل في نظام الملالي الخبيث والشرير هذا، وفي نهاية المطاف، نفذوا إرادتهم، وهذا أمر واعد ومبشر في انهيار العمق الاستراتيجي لنظام ولاية الفقيه في العراق وفي جميع أنحاء المنطقة. * سافر قاسم سليماني إلى بغداد وتولى بنفسه قيادة أعمال القمع.. لماذا يخشى النظام الإيراني انتفاضة العراقيين بهذه الدرجة؟ * إن مشاهدة الانتفاضة العراقية في ظل هذه الظروف تجبر أي مراقب على تصديق هذه الحقيقة بأن سبب كل خوف وذعر النظام ناجم عن أن نظام الملالي يرى في انتفاضة وثورة العراق الحالية، انتفاضة وثورة الشعب الإيراني ونهاية النظام. لذلك، فإن قمع الانتفاضة العراقية يعتبر من أولويات النظام، ومع إرسال قاسم سليماني لبغداد، تولى إدارة عملية القمع بنفسه، كما أن "إيرج مسجدي" سفير النظام الإيراني، والشخص رقم واحد في قوات القدس في العراق، تولى أيضاً إدارة مشهد قمع الانتفاضة في العراق. * أصبح النظام الإيراني غير قادر على مواجهة التدهور الاقتصادي مع استفحال الفساد وتصاعد نسبة الفقر والبطالة وتراجع الخدمات، ومع ذلك يستمر الدعم المالي والتسليحي في سياسة النظام لأذرعه الإرهابية في العراق وسورية ولبنان واليمن.. هل سنرى قريبا نهاية لهذا العهد التخريبي الذي امتد أربعين عاما؟ * انتصار الانتفاضة العراقية وجه ضربة كبيرة للنظام الإيراني القابع في الدرك الأسفل للضعف والمهانة، ولهذا، ستكون الآثار المدمرة مضاعفة على النظام الإيراني. وهنا لا توجد حاجة للإشارة إلى الأمواج المتعددة من الأزمات التي تلطم هذا النظام من كل جانب، تكفي الإشارة إلى أن النظام غير قادر على تأمين دعم وتمويل مرتزقة حزب الله والحشد الشعبي وبقية مجموعاته المرتزقة في العراق - كما كان يفعله في السابق - بسبب الانهيار الاقتصادي. إن الأحداث التي حصلت في العراق في الأيام الماضية، لم تقضِ فقط على الدعايات التي عمل النظام على تروجيها لمدة 40 عاما بأن الشعب والشيعة العراقيين هم من أنصار خميني وخامنئي، بل أهلت علينا بشائر انهيار العمق الاستراتيجي لنظام ولاية الفقيه، وحولت أحلام الهلال الطائفي والإمبراطورية الإيرانية لكوابيس موحشة، كما أدت الأحداث في العراق إلى تباطؤ سياسة الاسترضاء الأوروبية للنظام، لأنهم يعلمون جيدًا أن ميزان القوى قد تغير. عظيم فر: نهاية النظام الإيراني تقترب