بإدراج شركة أرامكو السعودية في مؤشر سوق الأسهم السعودي (تاسي) يوم الأربعاء 11 ديسمبر الجاري، أُسدل الستار عن أكبر وأضخم طرح أولى في تاريخ البشرية منذ أن عرف العالم الطروحات الأولية والاكتتابات العالمية، بجمع أكثر من 96 مليار ريال سعودي ما يعادل 25.6 مليار دولار أميركي، مُتجاوزًا بذلك الرقم القياسي المُسجّل في عام 2014 لشركة علي بابا الصينية التي طُرحت للاكتتاب العام ببورصة سوق نيويورك للأوراق المالية والبالغ حينها 25 مليار دولار أميركي. وحسب التقارير الرسمية الصادرة، فقد تمت تغطية شريحة المؤسسات بواقع 6.2 مرّة بينما تمت تغطية شريحة الأفراد بواقع 1.5 مرة، وبالمُجمل جاءت نتائج الإقبال قياسية بنسبة تغطية 465 %، أي ضعف المستهدف جمعه بواقع 4.6 مرّة، مُتقدّمًا بذلك على أكبر الطروحات الأولية التي شهدتها الأسواق العالمية، كما وقد بلغت قيمة طلبات الاكتتاب ما يعادل 15 % من الناتج المحلي الإجمالي للسعودية لعام 2018. وليس ذلك فحسب، بل صعدت القيمة السوقية للشركة بعد ساعات من الإدراج بمؤشر تاسي إلى 1.88 تريليون دولار أميركي، لتجعلها أكبر شركة مدرجة في العالم ليس فقط من حيث قيمة الطرح ولكن أيضاً من حيث القيمة السوقية لتتفوق بذلك وتزيح شركة أبل عن عرش صدارة القيمة السوقية على مستوى العالم البالغ قيمتها 1.2 تريليون دولار أميركي. وأيضاً ليس ذلك فحسب حيث إنه بعد بضعة أيام من إدراجها في سوق الأسهم السعودية، تخطت قيمتها حاجز ال2 تريليون دولار أميركي، محققة بذلك الرؤية الثاقبة وبُعد النظر لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ضمن رؤية المملكة 2030 بتنويع مصادر الدخل القومي ومضاعفة قنوات الاستثمار للأفراد والشركات والتعزيز من مستويات الحوكمة والشفافية بالشركة، وباعثة في نفس الوقت برسالة قوية جداً لمن شكك في قدرات وكفاءات شركة مثل شركة أرامكو واستحالة بلوغ تلك القيمة السوقية، وبالذات بالنسبة لبعض وسائل الإعلام الغربية، التي تناست أو بالأحرى تَعمدت تغافل المقومات والميزات التنافسية والنسبية التي تمتلكها الشركة. ولعل من بين المزايا العديدة لشركة أرامكو تسجيلها لأرباح صافية بلغت 111.1 دولارا أميركي في عام 2018، والتي جعلتها الأعلى من حيث الربحية على مستوى العالم، متجاوزة بذلك ربحية أكبر خمس شركات نفط عمالقة على مستوى العالم (شيل، إكسون موبيل، توتال، شيفرون وبريتش بتروليوم). كما أن شركة أرامكو تُعد أكبر شركات النفط والغاز المتكاملة في العالم، حيث تنتج برميلا من كل ثمانية براميل نفط خام في العالم، وقد بلغت احتياطيات الشركة نحو 256.9 مليار برميل من المكافئ النفطي بنهاية 2008، والتي تكفي لمدة 52 عاماً من العمر المتبقي للاحتياطيات الثابت وجودها، في حين أن متوسط عمر الاحتياطيات الثابتة لبقية شركات النفط والغاز في العالم تتراوح ما بين 9-17 عاماً. إن جميع هذه المقومات والمزايا النسبية والتنافسية التي ذكرتها وغيرها كثير مما تمتلكها شركة أرامكو السعودية، حققت لها مركز الريادة والصدارة بين جميع شركات العالم النفطية وغير النفطية، والذي كان جلياً وواضحاً للأعيان ومثبتاً، بما يكفي لتبديد التوقعات والظنون والأفكار التشكيكية، وبالذات من بعض وسائل الإعلام الغربية، في قدرتها على تحقيق طموحات القيادة الرشيدة في بلادنا والمسؤولين الإداريين والفنيين بالشركة، والتي سرعان ما غيرت من موقفها السلبي تجاه الطرح وتوقعاته بعدما فوجئت بحقائق دامغة وإحصائيات حقيقية وأرقام واقعية مخالفة تماماً للتوقعات التشاؤمية.