"تأبى المروءة أن تفارق أهلها، إن المروءة في الرجال خصال"، استشهدت بهذا البيت من الشعر العربي المؤثّر الحي، عندما هزني موقف إنساني رجولي نبيل، حيث حصل مجلس عزاء القحيص بمحافظة رفحاء، الذي كان مكتظاً" بالمعزين من كل مكان ومن أخوة وأبناء وأقارب المتوفى حماد القحيص -رحمه الله-، تفاجأ الحضور برجل قادم من مدينة حايل لتقديم واجب العزاء وهو الشيخ العبدي بن عيد العلياني يعلن بالمجلس أمام الملأ تنازله عن الدين الذي بذمة المتوفى، وهو قرض حسن قدره نصف مليون ريال، وذلك إبراء لذمة صديقه الفقيد، وتقديراً للصداقة الحميمة والعلاقة التي جمعتهما، وما كان من الحضور بمجلس العزاء، الذين أدهشهم الموقف الشهم من هذا الرجل الكريم، إلا أن يثنوا على هذا الموقف الإنساني الخالص لوجه الله، وقد أحضر الرجل الشيك بإمضاء الراحل معلناً عفوه عن هذا الالتزام المالي كاملاً، وهذا ليس مستغرباً على أبناء المملكة ورجالاتها الأصلاء في هكذا مواقف، ومثل هذه المواقف الإنسانية المفعمة بالتسامح والعطاء، وهي دليل على تماسك وحسن سجايا، وصفاء قلوب وشهامة ومروءة أبناء البلاد. مثل هذا الرجل الذي أظهر أصدق وأنبل الصور المشرقة والمشرفة وأنبلها، إزاء هكذا المواقف الإنسانية، لتكون نبراساً ودرساً معتبراً في القيم العليا والمثل الراسخة، التى مازالت متأصلة في مبادىء الرجال الكبار وقيمهم الخالدة، وفي سجايا من يقيمونها ويقدرونها، لتكون درساً للأجيال في مثل هذه الظروف والمحن والمواقف. الرحمة والمغفرة للراحل الفقيد "أبومشاري"، الذي كان يحرص على صداقة ومعرفة مثل هذا الرجل النبيل الذي سجل هذا الموقف الإنساني الخالد. والحمدالله على أن هذه المبادىء مازالت عامرة في ضمائر الرجال الأخيار. * المدير الإقليمي للصحيفة بالإمارات