لم يتخيل الشعب الإيراني الذي كان يعيش وضعاً مريحاً على الأقل لناحية الاستقرار ووجود الدولة أن يصل به الحال إلى هذا الوضع المتردي بعد مرور 40 عاماً على اندلاع الثورة الإيرانية في العام 1979م ضد حكم الشاه محمد رضا بهلوي، الذي أزيل كنظام ملكي واستبدل بنظام جمهوري تحت اسم "جمهورية إيران الإسلامية" وتم تغيير الدساتير والقوانين لصالح مجموعة إرهابية كان يقودهم المرجع الديني آية الله روح الله الخميني، قائد الثورة كما يسمى آنذاك، والذي رحل تاركاً خلفة ثلة من اللصوص وتجار الموت موصياً إياهم بتصدير الثورة انتصاراً للشعوب كما يزعمون، فيما هم اليوم لا ينتصرون للشعب الإيراني المتضور جوعاً والمؤكد أن نصفه بات تحت خط الفقر مع أنه يعيش في دولة غنية بالنفط ولديها موارد وإمكانات هائلة تم العبث بها وتطوعيها لمشروعات قذرة لم يتحقق منها إلا هلاك البشر وموتهم، وتحديداً في الدول العربية كما حدث في سورية للأسف الشديد، وكما يجري الآن في لبنان والعراق واليمن، وكما حاولوا في مصر والبحرين والجزائر والسودان، وأمكنه مختلفة من أوطاننا العربية مسنودين بمرتزقة وخونة جندوهم لمصالحهم ورغباتهم المريضة. مرت الأيام وكلنا يتذكر حينما حدثت الثورة الإيرانية قبل عشرات السنوات وكيف أطيح بالنظام "البهلوي" إذا جاز التعبير وجيء بالنظام "الخميني" الأسوأ في تاريخ الأنظمة العالمية، حيث تسبب في أن تصبح الدولة القائم عليها هي الدولة الأولى الراعية للإرهاب والدمار في العالم، إذ لم تسلم دولة أو منطقة من فتن ومؤامرات وأفعال نظام الملالي سيّئ الذكر. حتى أن الشعب الإيراني الآن لم يعد يحتمل هذا النظام الإرهابي المجرم وثار عليه في الثورة المعروفة الآن ب "ثورة البنزين" بعد رفع الأسعار وهي أبعد من ذلك بكثير، وتعد امتدادا لثورات سابقة قام بها الإيرانيون وقمعوا بصورة مرعبة كما حدث في "الثورة الخضراء" التي راح ضحيتها أعداد كبيرة من الشعب الإيراني البريء وأطفأت بقوة الحديد والنار، أما اليوم فلا يعتقد أن الثورة ستنتهي بسهولة وإن حدث فإنها ستعود مجدداً مثلما جرى في السابق. وكما راقبنا فيما مضى الثورة الإيرانية التي أسقطت حكم الشاه نراقب اليوم وبفرق كبير ثورة الشعب الإيراني وشعوب أخرى لحق بها الأذى من ملالي إيران وأعوانهم وهي ماضية - بإذن الله - حتى يسقط هذا النظام الخبيث وتسقط معه كل قواه وأدواته في المنطقة التي أزهقت الأرواح ودمرت الأوطان. أجيال عديدة مرت بمحطة هذا النظام ولم تجنِ إلا الويلات والموت، وهو لا يستغرب لطالما زرعوا في العقول شعار الموت تنديداً بما يسمونهم القوى المستكبرة فيما هم أول معين لهذه القوى والدول ومن تآمر معهم ضد أوطاننا العربية والإسلامية، وهم العدو الأول للإسلام، فلم يبلغ الإسلام منهم إلا الأذى وتشويه السمعة واستخدام الدين للوصول لأهدافهم الثورية المقيتة، ولم ولن تتحقق هذه الأهداف، بفضل الله ثم بوعي الشباب، بعدما أدخلتهم أنظمتهم التابعة لإيران في دروب مظلمة لم يجنوا منها إلا الفقر والحاجة بينما أوطانهم تزخر بالكثير من الموارد التي تهدر أمام أعينهم وتذهب لمن لا يستحقها في الحرس الثوري الإيراني وميليشيا حزب الله والحوثي وغيرهم ممن لا يقدمون للناس إلا السلاح والانتصارات الوهمية والشعارات الزائفة. وبقيت الإشارة إلى أن ملوك المملكة العربية السعودية حاولوا على مر التاريخ تصويب المسار الإيراني العدائي، وبذلوا الكثير لاحتوائه وتحملوا الكثير منهم سواء فيما يفعلون في الحج أو التفجيرات التي طالت بعض الأماكن أو ملاحقة الدبلوماسيين السعوديين في أماكن مختلفة من العالم، إلا أنهم لم يجدوا من هذا النظام المجرم إلا الكذب، فهم يدعون أن يدهم ممدودة وسيقيمون علاقات مميزة مع الجيران وفي الحقيقة لا يوفرون شيئا لإلحاق الأذى بجيرانهم، ومسعاهم شارف على نهايته بحول الله.