مثل كثير من الدول تنظر اليابان إلى أفريقيا باعتبارها قارة الفرص المستقبلية، النمو السكاني والموارد الهائلة، وقبل ذلك وفرة البيئات البكر القابلة للاستثمار، تجعل من القارة السمراء إحدى اهم المناطق الجاذبة للمشروعات الاستثمارية في العالم، ومؤخرا تحولت الاستراتيجية اليابانية حيال أفريقيا من المساعدات إلى الاستثمار، وفقا لتموهيشا ايشيكاوا رئيس مركز أبحاث الاقتصاد الكلي بمعهد بحوث اليابان، الذي يؤكد أن بلاده تدرك تماما أن الاستقرار والسلام شرطان رئيسان لتوفير بيئة مستدامة للاستثمار، لذا تحرص اليابان على تعزيز الاستقرار في أفريقيا ودعم جهود السلام أينما كانت. تدرك اليابان أنها ليست وحدها في القارة السمراء، وأن الكثير من المنافسين يسعون لتكثيف وجودهم في قارة الكنوز المخبأة، غير أن لليابان مقاربة مختلفة قليلا في هذا المجال، يقول ايشيكاوا أن الاستراتيجية اليابانية تركز بشكل أكبر على نقل التكنولوجيا المستقبلية والاستثمار فيها أكثر من إنشاء الطرق أو المباني الضخمة، يضرب الخبير الاقتصادي مثلا بهذا الصدد عبر مشروعات الطائرات المسيرة عن بعد "الدرون"، يوضح ايشيكاوا أن الطبيعة الأفريقية تعد مجالا واعدا لتكنولوجيا الدرون، فنظرا للصعوبات التي تواجه قطاع النقل في بعضا الدول الأفريقية جراء عدم وجود طرق ممهدة فإن طائرات الدرون ستكون هنا حلا مثاليا لنقل المساعدات أو الأدوية وخلافها خصوصا في ظل سهولة التحليق المتاحة لهذا النوع من الطائرات في ظل ندرة البنايات الشاهقة في هذه المنطقة من العالم. الحضور الياباني المكثف في أفريقيا يراهن على ميزتين ترى طوكيو أنهما سيعززان الثقة بوجودها في أفريقيا، الأولى تخفيف شروط الاستدانة والثاني العمل على تعزيز الموارد البشرية والطبيعية المحلية، وفي مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في أفريقيا، الذي عقد أغسطس الماضي أطلق رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي مبادرة "من أجل نهج جديد للسلام والاستقرار في أفريقيا"، تهدف إلى النهوض بالقارة الأفريقية، وطالب آبي المستثمرين الأجانب في أفريقيا أن يحرصوا على عدم إغراق البلدان المضيفة في الديون. وقد شهد وجود الشركات اليابانية العاملة في القارة السمراء قفزة كبيرة في السنوات الأخيرة إذ يقدر عددها بنحو 800 شركة تعمل في مجالات مختلفة مثل التجارة والاستثمار والبنوك، وكذلك في مجالات الصحة والزراعة والمقاولات والتصنيع، لكن ماذا عن مشكلة الفساد التي قد تواجهها الدول الراغبة بالاستثمار والعمل داخل أفريقيا، يجيب ايشيكاوا بقوله إن هذا الأمر لا شك يمثل صداعا مزمنا لأي دولة ترغب في تنشيط مشروعاتها داخل القارة السمراء إلا أنه أكد أن اليابان لا يدعم الدول الفاسدة، وتقوم السلطات اليابانية بعمل أبحاث معمقة حول كل دولة على حدة وإذا لم يكن هناك أي صورة من صور الفساد تمضي طوكيو قدما في دعمها، ويضيف ايشيكاوا "هناك مشروعات كثيرة لم تكتمل بسبب الفساد، وهذه مشكلة معقدة فعلا، في بعض الأحيان ندخل في مشروعات مشتركة مع شركات تعرف الأوضاع الداخلية في الدول الأفريقية، وهذه الشركات بحكم تجاربها الطويلة تعرف الدول أو القطاعات التي تعاني من الفساد، وهذا يمكننا من تفاديها".