أنْ يتحدث مشجع عادي عن أمنيته بعدم فوز فريق منافس في بطولة خارجية فهذا أمر مألوف عالمياً، إذ من الطبيعي ألا يتمنى مشجع ليفربول مثلاً تحقيق مانشستر يونايتد لدوري أبطال أوروبا، وألا يتقبل مشجع «الشياطين الحمر» فوز مانشستر سيتي الفوز بالبطولة ذاتها. لا بد من التأكيد هنا على أن كرة القدم لا تعد مقياساً أساسيا لارتباط أي شخص بوطنه، لكن المؤكد أن وقوف مشجع مع فريق ينافس فريقه محلياً في مهمته الخارجية هو أمر مثير للإعجاب وجدير بالإشادة والاحترام. المؤسف والمعيب أن ينقل ثلة من الموتورين ارتباطهم بأنديتهم وتعصبهم إلى دائرة المنتخب في تصدير بغيض لثقافة الكراهية التي تجلت عندما تأخر المنتخب في مواجهته أمام أوزبكستان ليظهر بعض المحسوبين على الإعلام بوصم المنتخب بوصف ليس بجديد وهو «منتخب الهلال». هذا المصطلح لا يختلف كثيراً عن إطلاق مسمى «المنتخب الكحلي» قبل قرابة عقدين من قبل العقول إياها، وخلال هذه السنوات تراجعت الكرة السعودية بشكل مخيف، ذلك لأن صوت الأندية والتعصب والانحدار في الطرح الإعلامي وصل لحدود غير مسبوقة. وعند الحديث عن التعصب لا بد من التفريق بين متعصب لفريقه لا يهتم بالآخرين بقدر اهتمامه بفريقه، وهذا المتعارف عليه حتى على مستوى الطرح الإعلامي في بطولات الدوري الأفضل في العالم مثل إسبانيا وإيطاليا وإنجلترا، إذ يبدو الأمر مألوفاً أن تجد إعلاماً وإعلاميين يرتبطون وينتمون لنادٍ معين، لكنهم لا يركزون جهودهم إلا لأخبار أنديتهم وتقديم محتوى مميز، فضلاً عن نقد وتقييم العمل. المفهوم مختلف لدى تلك المجموعة من الأشخاص المحسوبين على الإعلام السعودي، فهم عاجزون عن تقديم محتوى جيد للمتلقي، وعاجزون عن تقديم نقد حقيقي، فيهما جهودهم تنصب على محاربة منافسيهم حتى وصل الأمر لإعلان الحرب على المنتخب الوطني الذي يمثل كل السعوديين، ليتم نعته ب»منتخب الهلال». نعم، هو منتخب الهلال حين يكون لاعبو الهلال هم الأفضل والأكثر جهوزية على تمثيل المنتخب باختيار معظم المدربين، وبالأرقام والشواهد، تماماً مثلما تواجد عدد كبير من لاعبي النصر والاتحاد والأهلي والشباب في أكثر من حقبة مضت. أظن أن الزمن بدأ يتجاوز هؤلاء في ظل تزايد الوعي الجماهيري وقدرة الجماهير على التعبير عن آرائها في السنوات الأخيرة، لذا فإن مجموعة الموتورين أصبحت أقرب إلى الهامش من أي وقت مضى، واليقين يتعاظم بأن المنطق والواقع يفرض نفسه مع تزايد الوعي الجماهيري الذي سيتجاوز هؤلاء أيضاً.