اتسم الشعراء منذ العصر الجاهلي بالوقوف على الأطلال، لاسيما المعلقات التي تعد أروع ما كتبه العرب، وعلقت على جدران الكعبة، وتناقلتها العرب، ورددت على الألسن حتى حفظت في الوجدان قبل الذاكرة، ومن القصائد الشهيرة قصيدة الشاعر الجاهلي امرئ القيس حين بدأها كعادة العرب آنذاك وقال: قِفا نبكِ مِن ذكرى حبيبٍ ومنزِلِ بِسقطِ اللِّوى بينَ الدّخُول فحوملِ ويعد امرؤ القيس أنموذجاً للشعراء الذين هبت عليهم نسائم الحنين والشوق، وذلك حين تعود الذاكرة إلى الماضي والنبش في خبايا ما مضى من الزمان، حتى تثار قريحة القلم وتُزِف الأبيات بخمار الوجد، وأضحت هذه العادة بمثابة ظاهرة في الشعر العربي اتبعها الشعراء فيما بعد، وتذكر بعض المصادر أن امرأ القيس حين عبر من دياره القديمة بكى حتى كاد ينهار، وظهر عليه التأثر. واستطاع الشاعر عبدالله الكبيري، أن يعود بنا إلى زمن كان به نسيج الشعر دهشة وروعة، حيث أثارت مشاعره سقوط شجرة الرقعة التي يتجاوز عمرها الأربعمائة عام، الشامخة طيلة هذه القرون، في بلاد غامد وتحديداً قرية الحدب ببني كبير، ومن خلال فيديو ظهر على مواقع التواصل الاجتماعي، وقف الكبيري أمام الشجرة بعد سقوطها، وودعها مثل ما فعل أسلافه العرب في قصائدهم البديعة، وقال في مطلعها: أبكي.. وأرثيها وأرثي مجدها والناس من هول المصيبة جازعة وقال الكبيري ل"الرياض": حرّكت شجرة الرقعة مشاعري وتلاعبت بي وأَدمت فؤادي وأَذرفت دمعتي ولم أكن أتخيّل قريتي من دونها. وكنت أسير على نهج أبي نواس الذي ينص على تهميش الوقوف على الأطلال وهو الذي قال: عُجْ للوقوفِ على راح وريحانِ فما الوُقوفُ على الأطلالِ من شأني" وحين سقطت الرقعة سقط معها هذا المنهج وشعرت أن الوقوف على الأطلال ليس أمراً تقليدياً". ويكمل: كانت هذه الشجرة تعني الشيء الكثير، فهي روح للقرية وجَمالٌ لها وزينة للناظرين ورمز قديم، فكم أظلت من أقوام وكم أكلوا من غُمّازِها، وقد أظلت يوماً من الأيام سوق الأحد، وتعني لكبار السن شيئاً عظيماً فقد كانوا يغرمون من يكسر من أغصانها. ويصف بقصيدته ما مرت به الشجرة ويقول: تحملت ثقل وأفتر جوفها ونوائب الايام كانت خادعة وفي نهايتها يهون الأمر، ويقول: دار تعاقبها القرون دوارس ودوارس جرت علينا الفاجعه إن الوقائع أمرها من ربنا لا اعتراضَ على حدوثِ الواقعه شجرة الرقعة التي تجاوز عمرها 400 عام