مما لاشك فيه أن الصحاري والأطلال والديار قد احتلت مساحة كبيرة من خارطة الشعر العربي فحركت مشاعر الشعراء العرب لتجود قرائحهم بأجمل القصائد وأعذب الكلمات، فنجد أن الكثير من الشعراء العرب قد تغنوا بها وأشادوا بها في شعرهم، بل أن العديد منهم قد أهدوها خالص أشعارهم، فذكروا (العذيب) و(رامه) و(العقيق) و(الدهناء) و(الصمان) وغيرها، ولعلهم إذ قاموا بما قاموا به انطلاقا من كون تلك الأماكن كانت بمثابة مراتع الشباب وملاعب لهو الصبا، ومسارح لغزل الحبيب الذي ذاق فيها لوعة الفراق وألم البعاد، ولعل امرؤ القيس كان أول من وقف بها واستوقف بها صحبه. وعلى سبيل المثال نجد أن صحراء الدهناء مثلا قد نالت حظا وافرا من أبيات الشعراء العرب، والدهناء تأتي بعد الربع الخالي من حيث المساحة، وهي عبارة عن شريط رملي ضيق لايتجاوز عرضه عشرات الكيلو مترات، وتمتد على شكل قوس من الشمال الى الجنوب لمسافة تزيد على 1000كيلو متر بمحاذاة جبل طويق، وهي تصل بين صحراء النفود الكبير في شمال الجزيرة العربية وصحراء الربع الخالي في جنوبها، وتتشكل من كثبان رملية عالية تمتد بشكل طولي، وتبعد حوالي مسافة 90كيلو مترا عن العاصمة الرياض. وتعد الدهناء من أخصب مرابع العرب ومراتعهم، حتى أنهم قالوا إذا أخصبت الدهناء استوعبت كافة العرب، وإذا لم تخصب فإنهم في فقر إلى زيادة إخصاب. ومن نباتاتها أشجار الأرطي والعوسج والغضا والثمام والحميض والعندا والعثربان، ومن أعشابها وبقولها الخزامى والعرفج والضمران والصليان والصفارة والنصي والحماط والعضيد، وغيرها. وسقط اللوى التي ذكرها امرؤ القيس في قصيدته المعروفة، ما هي إلا منعرج الدهناء، وفيها يقول: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل ومن أعلام الدهناء (رجم الشويعر) والذي قال فيه ناصر الهزاني: لهن من ديرة بني زيد مسراح وتلقى لهن رجم الشويعر مصابيح ويقول (الأعشى) واصفا بعض اللصوص: يمرون بالدهناء خفاف عيابهم ويرجعون من دارين بجر الحقائب