كان استخراج رخصة القيادة ل"حنين" من أهم الأشياء التي حدثت لها وغيرت مسار حياتها، لاسيما أن زوجها كان داعماً لها بقوة في تعلم القيادة واستخراج الرخصة مما دفعها لأن تكبر له ذلك الموقف النبيل والكبير، إلاّ أن المشكلة التي بدأت تظهر على السطح بعد استقلالها وحصولها على رخصة القيادة أن زوجها بدأ يترك لها القيام بأغلب المهام المنزلية بعد تعلمها للقيادة، ف"حنين" أصبحت هي من تصطحب أبناءها إلى المدرسة بعد أن كان زوجها هو من يقوم بتلك المهمة، كما أنها أصبحت تقوم بتمويل المنزل من مواد غذائية وتوفير الخضار والماء من السوبر ماركت، حتى وصلت في تلك المسؤوليات إلى القيام بمشاوير الأبناء الجانبية الأخرى من مواعيد للمستشفى والذهاب بهم إلى المكتبات وإلى المعلمة الخصوصية في فترة ما بعد المدرسة، على الرغم من أن "حنين" موظفة ومازالت تحافظ على مكانتها كأم وزوجة وقيامها بالمسؤوليات المنزلية، حتى وجدت أن حصولها على استقلاليتها في قيادة السيارة جاء مقابله تخلي زوجها عن مهامه كزوج وترك جل المسؤولية عليها، في حين تفرغ هو بدوره لهواياته ولمقابلة الأصدقاء، بل والاستمتاع بمواقع التواصل الاجتماعي لأطول وقت ممكن، في الوقت الذي أصبحت فيه تعاني من تعدد المهام وضغوطات المسؤوليات بشكل كبير حتى وصلت إلى مشاعر سلبية بدأت تفقدها أهمية وجود زوجها في حياتها كرجل مسؤول. ليس زوج "حنين" الرجل الوحيد الذي استغل تعلم زوجته لقيادة السيارة بتخليه عن واجباته كزوج، فالعديد من الزوجات أصبحن يشتكين من استغلال الزوج لتعلمهن للقيادة وحصولهن على حقهن في القيادة بالتخلي عن واجباتهم ومسؤولياتهم تجاه البيت والأبناء، فالزوجة أصبحت قادرة على الذهاب والعودة بسيارتها من دون الحاجة لأن يرافقها زوجها، إلاّ أن مثل هذا السلوك الذي بات شائعاً في واقع الكثير من الأزواج الذين خرجوا كأبطال في دعم خطوة تعلم زوجاتهم للقيادة، في الحقيقة وجدوا في مثل هذا الحق الذي تمارسه جميع السيدات في العالم دون اختلاط الأدوار فرصة حتى يتحولوا من مسؤولين إلى أزواج يتفرجون على مسؤولياتهم التي أحالوها إلى من فرحت بالقيادة فحملت مع مسؤولياتها كزوجة مسؤوليات شريكها في الحياة بذريعة أنها أصبحت تقود السيارة وكأن مسؤوليات الزوج كان يؤديها فقط لأن المرأة السعودية لم تكن تقود السيارة!. استغلال الرجل ورأت سارة عبدالله -مدربة في أحد النوادي الصحية- أن الرجل -مع الأسف- فهم خطوة تعلم المرأة للقيادة ولقدرتها على قيادة السيارة في وطنها بشكل خاطئ، فالدولة خوّلت المرأة السعودية حتى تمارس مثل هذا الحق لأنه أمر يفعله جميع نساء العالم وهو طبيعي كحق إنساني، إلاّ أن ذلك لا يعني بأن يستغل الرجل قدرة المرأة على القيادة بالتخلي عن مسؤولياته كزوج وأب في البيت فيترك المهام حتى تقوم بها هذه المرأة، مضيفةً أن المرأة حينما تمر بضغوطات في عملها وعند قيامها ببعض المسؤوليات لا يبادر الزوج بالقيام ببعض مسؤولياتها كنوع من التخفيف عليها، فمن النادر جداً أن نجد الرجل يقوم بطهي الطعام عنها إذا ما قابلت الكثير من الضغوطات، على الرغم من أنها تعمل كموظفة كما يعمل الزوج، وربما تنفق من مالها على البيت وتقاسمه المسؤوليات المادية كما ينفق بدوره، إلاّ أنه حينما تعلمت المرأة القيادة ترك العديد من مسؤولياته حتى تقوم بها بذريعة تعلمها لقيادة السيارة، وهنا أنانية كبيرة يجب أن يتنبه لها الزوج، ويدرك مدى أثرها على الزوجة والأبناء، فالرجل يبقى رجلاً في جميع الأحوال وعليه أن لا يتخلى عن مسؤولياته وواجباته كزوج لمجرد قدرة الزوجة على القيادة. خلاف كبير ونصحت سديم جابر -تعمل في المجال التعليمي- أنه على الزوجة أن تضع حداً بعد تعلمها قيادة السيارة للمهام التي تقوم بها، فالمرأة تعلمت القيادة وحصلت على حقها في قيادة السيارة لأنها رغبت في الاستقلال، والحصول على حق طبيعي لها في الحياة يمكن أن تمارسه أي امرأة، إلاّ أن بعض الأزواج -مع الأسف- استغل مطالبة المرأة بالمساوة في ترك المسؤوليات عليها جميعاً وهنا لا يمكن أن نقول إن المساواة تحققت بين الرجل والمرأة، فالرجل والمرأة حتى مع قدرتهما على قيادة السيارة عليهما أن يتقاسما المسؤوليات الزوجية، وألا يتحمل أحدهما أكثر مما يفعل الآخر، ففي ذلك ظلم واستغلال، مشيرةً إلى زميلتها في المدرسة والتي تعلمت القيادة وفرحت كثيراً حينما حصلت على رخصة القيادة إلاّ أنها وجدت بأن زوجها استغل قدرتها على القيادة وأصبح ينسحب من جميع المسؤوليات، فحينما تطلب منه أي طلب يخص البيت أو يتعلق بها فإنه يطلب منها الذهاب بسيارتها بذريعة قدرتها على القيادة، حتى أصبحت تعاني نفسياً من غياب زوجها عن مسؤولياته كزوج، وبدأت تفقد الشعور بأهميته، وفي كل مرة تطلب منه أن يفعل شيئاً من مسؤوليات الأبناء أو مسؤوليات البيت يقول لها: "اذهبي أنت بسيارتك فأنت اليوم مستقلة"، حتى حدث خلاف كبير بينهما وقالت له: "إذا كنت مستقلة إذاً لم أعد بحاجة لك في حياتي"، وحينما تكررت الخلافات بينهما قررت التخلي عن قيادة السيارة والعودة للاعتماد عليه في جميع تحركاتها معبرةً عن ذلك القرار بقولها: "أبقى زوجة من دون القدرة على قيادة السيارة أفضل من أكون قائدة للسيارة من دون زوج أشعر بوجوده". خط تحول وقالت أحلام التركي -ربة منزل-: إنه -مع الأسف- أصبحت قيادة السيارة للمرأة السعودية خط تحول كبير في حياتها الزوجية، فعلى الرغم من أهمية هذا القرار الذي استطاعت المرأة بمقتضاه أن تحقق الكثير من استقلاليتها وحريتها وخصوصيتها به، والذي يعد من أهم القرارات التي حدثت لها والتي تدل على الثقة الكبيرة التي منحت إليها وهو القرار الذي لطالما انتظرته المرأة السعودية بشغف، إلاّ أنه -مع الأسف- أصبح حجة الأزواج للتخلي عن مسؤولياتهم في البيت، فالمرأة أصبحت تعاني من مشقة المسؤوليات الكبيرة التي تحملتها بعد قرار القيادة، ذاكرةً أن العديد من الأزواج أصبحوا يتبادلون النصائح بضرورة تعليم الزوجة القيادة حتى تحمل عنهم المسؤوليات، والبعض يتفاخر بأنه أصبح يشعر براحة كبيرة بعد تعلم زوجته للقيادة، وبأنه تخلص من الصداع في طلبات البيت وطلباتها وبأنه أصبح يعيش بشكل طليق من دون قيود والتزامات، حتى أصبح العديد من الأزواج يحرص على تعليم زوجته القيادة ويتكبد المشقة في بذل الجهد والوقت ليس انطلاقاً من فكرة دعمها كزوجة، إنما حتى يحصل على الفرصة في التخلص من مهامه ومسؤولياته وهنا المشكلة الكبيرة. استشعار بالمسؤولية وأوضحت شريفة شويرد -مهتمة بشؤون الأسرة- أنه لا يجب على الرجل أن يخلط الأمور بين دعمه للمرأة للقيادة وقدرتها على التحرك بسيارتها بحريه وبين المهام والواجبات التي يجب أن يقوم بها والتي ليس لها علاقة بأي شكل من الأشكال بقدرة المرأة على القيادة، فعلى سبيل المثال المرأة تستطيع أن تترك مهمة طهي الطعام في المنزل على الزوج حينما تكتشف بأنه يجيد إعداد الطعام، ولكنها لم تفعل وفضلت أن تقوم بدورها كزوجة في القيام بمهامها في المنزل، والزوج عليه أن يقيس الأمور بذات الدرجة من الحساسية والاستشعار للمسؤولية، فقدرت المرأة على قيادة السيارة لا يعطيه الحق في أن يسلبها حقها في البقاء بذات المكانة لكونها امرأة تقوم بواجباتها كزوجة وفي تربية الأبناء والاهتمام بشؤونها الخاصة من دون وجود اللبس في اختلاط الأدوار، مبينةً أن المرأة يمكن لها بعد تعلمها لقيادة السيارة أن تخفف على الزوج بأن تذهب إلى مقر عملها بسيارتها بعد أن كان يصطحبها بنفسه أو يتركها برفقة سائق، كما يمكن له أن يتبادل معها مهمة إيصال الأبناء للمدرسة على أن لا يستغل ذلك طوال الوقت إذا ما سمحت له ظروفه بالقيام بهذه المهمة، كما يمكن أن تخرج المرأة لقضاء حوائجها الخاصة كاللقاء بأحد الصديقات، أو الذهاب إلى البنك على سبيل المثال لإنهاء إجراءاتها البنكية، ولكن لا يجب أن يترك الرجل مقعده كرب للأسرة ومن خلال صفة القوامة على الزوجة، وأن يترك كل المسؤوليات على الزوجة، ففي ذلك مجال حتى تتشكل المشاعر السلبية بداخل المرأة التي مع مرور الزمن ستشعر بأن هذا الرجل ليس له قيمة، وبأنها يمكن لها أن تكمل الحياة من دونه، وهذه من أكبر المشاكل النفسية التي يمكن أن تواجهها السيدات في الأعوام المقبلة بعد قرار القيادة إذا لم يتنبه الرجل لمثل هذه الأخطاء. بعض الزوجات نجحن في تحمل واجبات أزواجهن