«ابتعد عني ما أحبك وش تبيبي قدرك الغالي رميته في الثرى» أغنية جميلة للراحل طلال مداح - رحمه الله - كنت أعتقد أنها تنطبق علي بعد أن هجرني ثلة من الأصدقاء والأقارب من دون سبب، أطلقوا علي لقب الصوفي وتبين لي لاحقا أن معنى كلمة صوفي هو الرجل الثقيل الذي لا يتبع هوى نفسه، أكذب إن لم أقل أني لم أحتر بسبب البعد والهجران من دون سبب، حاولت أن أتذكر وأخمن لم أجد عذرا مقبولا للهجران، أظن أني شاب واع ومثقف لست متطرفا ولا منحلا، أشجع النصر وأسمع فيروز ولكن لا أشرب القهوة التركية ولا أحتسيها مع الصحف بالصباح الباكر أميل للقهوة العربية الممزوجة بالزعفران، أسافر داخل وخارج المملكة كما يفعل أي شاب بحثا عن التغيير النفسي والاجتماعي والثقافي، بعد سنوات قضيتها بعيدا عن بعض الأصدقاء والأقارب جاؤني لشراء وقتي فيما تبقى من أعمارنا، لا أعرف لماذا رجعوا وماذا يريدون، اتضح لي أني لا أناسبهم في مرحلة عمرية معينة بسبب تناولهم بعض المحظورات وبعد أن عقلوا وكبر أبناؤهم اعترفوا لي بالود وأن صوفيتي أو بعدي عن المحظورات جعلهم يرفعون لي القبعة احتراما وتقديرا وإجلالا، الاعترافات السابقة لرجل شارف على الخمسين عاما، ويضيف؛ إن لم احتويهم الآن سيستقبلهم غيري ويسير بهم للطريق المجهول.