لم تعد القهوة العربية اليوم حكرا على الرجال، بل باتت المشروب الحاضر في كل موائد النساء، ويهتم الكثير من النساء بتحضيرها، وبعضهن أدمن شربها رغم المحاذير الصحية التي تتركز حول مشاكل تلك المنبهات على الصحة، وبعد أن كانت المرأة في أزمنة سابقة تستحي من تناول القهوة أمام زوجها وقبل ذلك والده، بات اليوم بعض الأزواج هو من يتفنن في صنع القهوة لزوجته. أم يوسف وهي بالعقد الثالث من عمرها تصف نفسها بالمدمنة لشرب القهوة العربية، حيث تحرص على شرب الهيل عند صب أول فنجان للقهوة، وكذلك القهوة والهيل أو ما يطلق عليه "الحثل"، وهو آخر ما يتبقى في دلة القهوة، مشيرة إلى أنها تجد متعة ونشاطا عند تناول القهوة، والعكس عند الانقطاع عنها، كما أن زوجها متفهم لوضعها حيث يشتري لها الهيل والقهوة ذات المواصفات الجيدة طالما هي قائمة بشؤون المنزل على أحسن وجه. وأضافت أم يوسف أن طبيبة مختصة نصحتها بالتقليل من القهوة، لأن ذلك يهدد صحتها، ويتسبب في قلة النوم، فاستجابت أخيرا لهذه النصيحة، واليوم باتت تشرب بحدود المعقول، بعد أن كانت تشرب يوميا حافظتي قهوة خلال الساعات التي تقضيها بين التحدث بالهاتف وتصفح الإنترنت. ويقول أبو خالد إن زوجته المعلمة تخصص مصروفا شهريا خاصا للقهوة والهيل والزعفران، وقد تعودت أن تتناول القهوة قبل الذهاب لعملها، حيث تصحو مبكرا، وتقوم بتجهيزها بنفسها، رغم أن لديها خادمة، لأن لها طريقتها الخاصة في إعداد القهوة، وتحرص على أن تصنعها بالدلة ذات اللون الأصفر، كما أنها عادة ما تأخذ معها حافظة قهوة مع التمر للعمل. وأضاف أبو خالد أن زوجته مدمنة على تلك المشروبات المنبهة، مدللا على ذلك بأنها كانت مريضة ذات يوم، وبمجرد أن فتحت عينيها طلبت من زوجها فنجان قهوة فقط لتشم رائحة الهيل والزعفران، ورغم أنها مصابة بقرحة بالمعدة، غير أنها مستمرة في شربها. وتقول أم شذى "زوجي لا يشرب القهوة، ولا يهتم حتى بشرائها، أما أنا فأحبها، وقد تسبب ارتفاع سعر الهيل في خصام بيننا، فزوجي يرى أن صنع القهوة ثلاث مرات باليوم فيه إسراف كبير، حيث تتوزع بمعدل الوجبات اليومية، ولولا تدخل والدي لكبرت المشكلة، وهو الذي يتكفل بشراء القهوة والهيل شهريا". وقالت أم تركي (بالعقد السادس) إنها تجتمع كل صباح مع جاراتها الخمس، حيث تجلب كل واحدة منهن قهوتها معها، أو كما يطلق عليه بين السيدات "قهوة الضحوية" ويجلسن حتى قبل صلاة الظهر. وبينت أم تركي أن لها 10 سنوات وهي على هذه العادة، وهي تحتسي كميات كبيرة من القهوة، كما أن ارتفاع سعر الهيل أغضب أزواجهن، مشيرة إلى أنهن عادة ما يخففن من كمية الهيل في القهوة للحفاظ على علاقة الود مع الأزواج. القهوة أيضا كانت السبب في التوافق بين الضرات، ورغم أنه من المتعارف عليه أن الضرات لا يمكن أن يتفقن معا، إلا أن إدمان القهوة أجبرهن على التوافق مؤقتا لتناول القهوة بحضور الزوج. تقول ن، س "نسكن في عمارة واحدة، وبشقتين متقابلتين، وكل صباح تكون القهوة جاهزة بعد صلاة الفجر عند عودة الزوج من الصلاة بالمسجد، وكل واحدة تتفنن بطريقتها الخاصة لتجهيز القهوة بالزعفران والعودي، وكذلك السويق والتمر لكسر مرارة القهوة، مشيرة إلى أنها هي وضرتها متفقتان على أن وقت تناول القهوة هي فترة السلام المؤقت بينهما. وتقول ن. "في فصل الشتاء نحرص على طهو القهوة على الجمر، خاصة أن لدينا بيتا من الشعر في سطح المبنى الذي يمتلكه زوجي، الذي نعيد فيه عبق الماضي الجميل من دلال ونجر". إلى ذلك قالت الأخصائية النفسية بمستشفى الطب النفسي بالمدينة المنورة الدكتورة أمل كفراوي إن تناول القهوة بكثرة يضر بصحة الإنسان، وإنها باشرت حالات نساء كبيرات بالسن يعانين من عدم النوم ليلا، ليتضح أن السيدات مدمنات على شرب القهوة، وهنا مكمن الخطورة على صحة الإنسان. وأشارت كفراوي إلى أن بعض الطالبات يشتكين من قلة النوم، والسبب تناول القهوة بصفة مستمرة وبشراهة، وحذرت كذلك من خطورة تناول القهوة لصغار السن من الأطفال، حيث إن الجهاز العصبي في مرحلة التكوين لديهم، وتناول تلك القهوة بإفراط يدخلها في دائرة الإضرار.