كنا قد توقفنا في الحلقة الماضية في باب الدال الثلاثي عند كلمة داع ونستكمل اليوم الباب نفسه ومستهل باب الذال: «دال» على معنيين مختلفيين فقد جاء في لسان العرب دلَّ الشَّخصَ إلى الشَّيءِ / دلَّ الشَّخصَ على الشَّيءِ: أرشده وهداه إليه، قاده، عيَّن له المكانَ. تقول الخنساء: دَلَّ عَلى مَعروفِهِ وَجهُهُ بورِكَ فيهِ هادِياً مِن دَليل والدال المهتدي والمعنى الآخر دال أي زال وتحول جاء في المحيط دال الأمرُ: انتقل من حال إلى حال دال الدهرُ تغير للأسوأ يقول الشاعر الرندي: هِيَ الأُمُورُ كَما شاهَدتُها دُوَلٌ مَن سَرّهُ زَمَن ساءَتهُ أَزمانُ وفي المعنى الشعبي وعلى الاهتداء لمكان أو طريق ومن أشهر ما قيل: ورّدوهن هيت واخطاه الدليله والموارد غير هيت مقضباتي ويقول عادي بن محمد بن رمال رحمه الله: بطلعة الجوزاء على الكبد ذايوفي ضيعوا جو تنصوه بدلاله والجو عند البادية مورد ماء والمعنى الآخر في التحول من حال إلى حال يقول الأمير محمد الرشيد رحمه الله: كل دولة دالت وزالت وحكم غير حكم الله يزول « دام « جاء في اللسان دَامَ عَلَى حَالِهِ: اِسْتَمَرَّ، ثَبَتَ مَا دَامَ الأمْرُ قَائِماً: مَا بَقِيَ يقول الإمام الشافعي: الناس بالناس مادام الحياء بهم والسعد لا شك تارات.. وهبات وفي اللفظ الشعبي وعلى المعنى نفسه يقول الشيخ عبدالعزيز الصباح: دام الخصام وصافي الود مادام والجو ماهو صافي من كتامه « دان» جاء في الغني دان: قريب. عَلِمَ الأمْرَ القَاصِي وَالدَّانِي أي البَعِيدُ وَالقَرِيبُ وفي سورة الأنعام يقول الله «جل وعلا»: «وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ».. وفي اللفظ الشعبي الداني القريب يقول الشيخ راكان بن حثلين - رحمه الله -: سلام أخو نوره لزوم عليه قبل الحبيب وقبل قاصي وداني « داي» جاء في الوسيط أصلها في دَاءٌ والجمع : أدْوَاءٌ . [ د و أ ]. وهو العِلَّةٌ والمَرَضٌ أو عَيْبٌ ظاهر أو باطن وجاء في الصحاح إحدى لهجات طيء الداي هو الداء قال أبوالعتاهية: لكُلِّ داءٍ دَواءٌ عِندَ عالِمِهِ مَن لَم يَكُن عالِماً لَم يَدرِ ما الداءُ وفي اللهجة الشعبية قلبت الهمزة ياء وعلى نفس المعنى يقول الأمير الشاعر خالد الفيصل: مريض المحبه داه ودواه بوصالك ألا كيف تبخل وأنت نظرتك تشفيني ويقول الشاعر عمير البراق: أنت المرض وانته سبب داي ودواي وأنت الخطر وانته سبب كل سايه «ذاب» جاء في المحيط ذاب الشّيء ضدّ جَمُد وذاب الثلجُ / الشحمُ / الجليدُ سال عن جموده وذاب القلب رقّ وتعذّب، قال أبوالبقاء الرندي في نونيته: لمثل هذا يذوب القلبُ من كمدٍ إنْ كان في القلب إسلام وإيمانُ ويقول شمس الدين التلمساني: ما ذابَ سُقاماً في الهَوَى لَوْلاكُمُ ما أَتْلَفَ قَلْبَهُ جَوىً إِلَّاكُمُ وفي المعنى الشعبي هو كذلك في فصيحه يقول الأمير الشاعر خالد الفيصل: هو ما ذكر إن الجفا فيه كسره للخافق اللي من هوى صاحبه ذاب ويقول الشاعر القاضي: يامير أنا طالبك مية مجيدي مع مشلح يامير تر مشلحي ذاب نستكمل باب الذال في الأسبوع المقبل «بحول الله».