إملاءات الذاكرة للمكان معطياته الثقافية والمعرفية الغير منفصلة عن حدوده الجغرافية وتتعدد مستويات الحنين للمكان والتعاطي معه من فنان لآخر وتفاعل الفنان التشكيلي عبدالعزيز الناجم مع المكان برؤية جديدة ومنظور فلسفي ومعماري بتكوينات شبه مربعة مطرزة بنوافذ وأبواب مفتوحة ليرسم املاءات الذاكرة المزدحمة فيستعرض في خطابه البصري البيوت والأشجار والأطفال ويعيد تنظيمها بتقطيعات بصرية فتظهر ملامح البناء والقرية القديمة بتصميمات شكلية بعيدة عن ملامحها المألوفة متلاصقة بتوزيع واتزان مدروس ويرسم بين تلك الحوائط تاريخ انساني جمالي لتفاصيل زخرفية يحتفي بها على هيئة نخلة وقرص شمس ليحيلها إلى مفردات ملونة مفعمة بالسعادة , ويستحيل أن تمر من طرح الناجم المعماري دون المرور بأشجاره المغروسة كسمة بصرية لا تغيب عن مخيلته مسارات لانهائية وحضور زمني لا يبالغ الناجم في الوصف البصري بقدر ما يشّيد مساحات مجردة مفتوحة بنظام تركيبي ومسارات خاصة لا تعيد نفسها مرة أخرى وبامتدادات لانهائية تأتي كوحدة ناضجة مما يعطي خطابه التشكيلي رؤى واسعة وقدرة على التّجدد والتغيّر للوصول لإيقاعات نابضة بالشاعرية والخيال وليكسبه حركية الزمن وتغيراته , ويغطي نسيج لوحته بضربات لونية معتمة ومضيئة كحضور زمني ينقل المتلقي من الساكن إلى المتحرك ولا تخلو أمكنته من السكان كدلالة حركية بوحدات أكثر اختزالا. استدعاء زمن الطفولة ويستدعي الناجم زمن الطفولة كنافذة يطل من خلالها على هذه المرحلة بسلوكياتها وتعبيراتها كأهم مراحل حياة الإنسان وما تحمله من انطلاق وحرية في ثراء تعبيري وحالة ديناميكية بأحداث متنوعة ففي هذا الأفق الجمالي تتعدد الدلالات التعبيرية والتأويلية لخطابه الجمالي , والطفل دائما يريد ان يشعر بالاهتمام والحنان والرعاية والمخاطبة والحوار والاستماع له وتوجيهه لبث أفكاره وإظهار ملكاته الأدائية وهنا نرى براءة الأطفال وعفويتهم في شكل الوجه البشري كمفردة محببة لدى الطفل بإحالات بصرية إلى وجوه لا تعرف الأقنعة بملامح متشابهة وبخطوط بسيطة مختزلة تحمل تفاصيلهم الفرح الدائم وهم في دوامة من اللعب مهتما بالبعد التخيلي والرمزي كما يراه الطفل فيتجلى ذلك في تكويناته البصرية التي تحمل سمة التجريد والمبالغة والحذف والتسطيح والشفافية فتستقطب المتلقي بساطة الأشكال وعفويتها. قيم لونية بنكهة جمالية تأتي قيمه اللونية بلمسات لونية جريئة يبث من خلالها فرح لوني وإيقاع طفولي فيؤسس خطابه البصري بتوزيعات لونية تتجاور فيه المتضادات اللونية فيستحضر تارةً عالم حيوي نشط وطاقة لونية بطغيان اللون الأصفر والبرتقالي ومحمولاتها الرمزية أو يستدعي مشاهد حلمية بين الأزرق الداكن والبنفسجي والأسود بتناغم مع الاحمر, وأحيانا يؤسس لانتماء لوني بنكهة جمالية ممزوجة باللون الطيني والترابي فهو لا ينفصل عن مناخات البيئة المحلية على أرضية مزدحمة بطبقات اللون الذي تستيقظ على صباحاته الجديدة وجوه تحمل الفرح وتحلم بالسلام. * ناقدة تشكيلية سعودية ماجستير تذوق فني – جامعة أم القرى مكةالمكرمة من أعمال التشكيلي عبدالعزيز الناجم