بتدبير من أجهزة مخابرات دول معادية على رأسها الموساد الإسرائيلي، شهدت العقود الماضية عمليات اغتيال للكثير من العلماء العرب المتخصصين في علوم مختلفة، وحظيت مصر على النصيب الأكبر من استهدافات الموساد لتصفية العلماء في مجالات تهدد الوجود الإسرائيلي وفي مقدمتها تكنولوجيا الطاقة النووية. الخنق والحرق ودس السم والرصاص الحي والقنابل اللاصقة والمغناطيسية والتفجيرات عن بعد وحوادث المرور المفتعلة، جميعها كانت من أساليب الموساد لاستهداف العلماء العرب، وجاءت حادثة وفاة العالم المصري أبو بكر عبد المنعم رمضان، رئيس الشبكة القومية للمرصد الإشعاعي بهيئة الرقابة النووية والإشعاعية، خلال زيارته للمغرب مطلع الشهر الماضي بعد أن وجدوا باب غرفته في الفندق الذي يقيم به مفتوحاً وهو يعاني مغص شديد إثر تناوله كوب من العصير، لتعيد من جديد فتح ملف 10 شخصيات بارزة لقيت حتفها بطرق شنيعة، ووجهت أصابع الاتهام في اغتيال أغلبها للموساد الإسرائيلي. د. يحيى المشد (1932- 1980): عالم ذرة مصري، تخرج من قسم الكهرباء في جامعة الإسكندرية عام 1952، ثم شارك في بعثة دراسية عام 1956 حصل خلالها على درجة الدكتوراه في هندسة المفاعلات النووية من الاتحاد السوفييتي، وعند عودته لمصر عام 1963 انضم إلى هيئة الطاقة النووية المصرية، اشترك في البرنامج النووي العراقي، بعد تجميد المشروع النووي المصري في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، وقام برفض بعض شحنات اليورانيوم الفرنسية حيث اعتبرها مخالفة للمواصفات، وله أكثر من 50 بحثًا. عثر على جثته في غرفة بفندق الميريديان بباريس في يونيو 1980 بعد أن تلقى ضرب بألة حادة على رأسه، وتم تقيّيد القضية ضد مجهول، وأشارت الشرطة الفرنسية في تقرير لها بأصابع الاتهام في اغتيال المشد، إلى ما وصفتها ب"منظمة يهودية". د. سميرة موسى (1917 - 1952): هي أول عالمة ذرة مصرية ولقبت باسم "ميس كوري الشرق"، حصلت على بكالوريوس العلوم من كلية العلوم بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حالياً) وعينت كأول معيدة في الكلية بعد أن كانت الأولى على دفعتها، وبعد حصولها على شهادة الماجستير، سافرت في بعثة إلى بريطانيا درست خلالها الإشعاع النووي، وحصلت على الدكتوراه في الأشعة السينية وتأثيرها على المواد المختلفة. استجابت إلى دعوة للسفر إلى أميركا عام 1952، وأتيحت لها فرصة إجراء بحوث في معامل جامعة سان لويس بولاية ميسوري الأميركية، وخلال زيارتها تلقت عروضاً للبقاء في أميركا لكنها رفضت تماماً وقالت: "ينتظرني وطن غالٍ يسمى مصر"، وقبل عودتها بأيام وفي الطريق لولاية كاليفورنيا ظهرت سيارة نقل فجأة لتصطدم بسيارتها بقوة وتلقي بها في وادي عميق، وقفز سائق السيارة المرافق لها واختفى تماماً ولم يتم الكشف عن شخصيته إلى يومنا، وكانت الاتهامات تدور حول تورط الموساد الإسرائيلي في اغتيالها بعدما حاولت نقل العلم النووي إلى مصر والوطن العربي في تلك الفترة المبكرة. د. نبيل القليني (1939 - 1975): عالم ذرة وعلوم ذرية مصري، أوفدته كلية العلوم في جامعة القاهرة إلى تشيكوسلوفاكيا للقيام بعمل المزيد من الأبحاث والدراسات، وكشفت الأبحاث العلمية التي قام بها عن عبقرية علمية كبيرة تحدثت عنها جميع وسائل الإعلام التشيكية، ثم حصل على الدكتوراه في الذرة من جامعة براغ.وفي صباح يوم الإثنين 27 يناير 1975 دق جرس الهاتف في الشقة التي كان يقيم فيها الدكتور القليني، وبعد المكالمة خرج الدكتور ولم يعد، ولما انقطعت اتصالاته مع مصر أرسلت جامعة القاهرة إلى التشيك تستفسر عن مصيره، ولكن لم يأت الرد، وبعد عدة مرات من جامعة القاهرة، ذكرت السلطات التشيكية أن العالم المصري خرج من بيته ولم يعد مرة أخرى. د. نبيل أحمد فليفل (1954 - 1984): استطاع الشاب الفلسطيني أن يكون عالماً في الذرة وهو في الثلاثين من عمره، وكان ينوي الاستمرار في دراسة مادة القرن الواحد والعشرين، وتمكن من القيام بدراساته كاملة، وعلى الرغم من أنه كان من مخيم "الأمعري" في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، لكنه رفض كل العروض التي أنهالت عليه للعمل في الخارج، وكان يشعر أنه سيخدم وطنه. وفجأة اختفى الدكتور نبيل فليفل، وفي يوم السبت الموافق 28 إبريل 1984 عثر على جثته في منطقة "بيت عور"، ولم يتم التحقيق في شيء. د. علي مصطفى مشرفة (1898 – 1950): حصل على دكتوراه فلسفة العلوم من جامعة لندن عام 1923، ثم كان أول مصري يحصل علي درجة دكتوراه العلوم من إنجلترا من جامعة لندن عام 1924، ومُنح لقب أستاذ من جامعة القاهرة وهو دون الثلاثين من عمره، وأصبح أول عميد لكلية العلوم، وهو أحد القلائل الذين عرفوا سر تفتت الذرة وأحد العلماء الذين ناهضوا استخدامها في صنع أسلحة في الحروب، وصفه أينشتاين بواحد من أعظم علماء الفيزياء. في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي درس مشرفة معادلات ماكسويل والنسبية الخاصة، وكان له مراسلات مع ألبرت أينشتاين. نشر مشرفة 25 ورقة علمية أصلية في مجلات علمية مرموقة، وكانت موضوعات تلك الأوراق تدور حول نظرية النسبية والعلاقة بين الإشعاع والمادة. كما نشر مشرفة 12 كتاباً علمياً حول النسبية والرياضيات. تُرجمت كتبه عن نظرية النسبية إلى اللغة الإنجليزية والفرنسية والألمانية والبولندية. مات مشرفة إثر أزمة قلبية، ولكن الشكوك تدور حول وفاته مسموماً، أو أن أحد مندوبي الملك فاروق كان خلف وفاته، ويعتقد أيضاً أنها إحدى عمليات جهاز الموساد الإسرائيلي. د. جمال حمدان (1928- 1993): أحد أعلام الجغرافيا المصريين، وكان صاحب السبق في فضح أكذوبة أن اليهود الحاليين هم أحفاد بني إسرائيل الذين خرجوا من فلسطين خلال حقب ما قبل الميلاد، وأثبت في كتابه "اليهود أنثروبولوجيا" الصادر عام 1967، أن اليهود المعاصرين الذين يدعون أنهم ينتمون إلى فلسطين ليسوا هم أحفاد اليهود الذين خرجوا من فلسطين. عثر على جثمانه والنصف الأسفل منه محروقاً، واعتقد الجميع أنه مات متأثراً بالحروق، ولكن التقرير الطبي أثبت أن الحروق ليست سبباً في وفاته، لأنها لم تصل لدرجة إحداث الوفاة، وفجر رئيس المخابرات الأسبق أمين هويدي مفاجأة من العيار الثقيل، حيث أكد أن لديه ما يثبت أن الموساد الإسرائيلي هو الذي قتله في عام 1993، وأخفى مسودات بعض الكتب التي كان بصدد الانتهاء من تأليفها، وعلى رأسها كتابه عن "اليهودية والصهيونية". د. سلوى حبيب: قدمت الأستاذة بمعهد الدراسات الأفريقية بمصر 30 دراسة حول التدخل الصهيوني في دول إفريقيا على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وكانت على وشك الانتهاء من كتابها "التغلغل الصهيوني في إفريقيا" ولكن عثر عليها مذبوحة في شقتها، وفشلت جهود رجال المباحث في الوصول لحقيقة مرتكبي الحادث، ليظل لغز وفاتها محيراً خاصة أنها بعيدة عن أي خصومات شخصية، وبسبب تخصصها وأرشيفها العلمي كانت أصابع الاتهام في قضية مقتلها تشير إلى الكيان الصهيوني. د. سعيد سيد بدير (1949 - 1989): تخرج من الكلية الفنية العسكرية بالقاهرة وعين ضابطاً في القوات المسلحة المصرية، أصبح معيداً في الكلية العسكرية ثم مدرساً مساعداً ثم مدرساً حتى وصل إلى رتبة عقيد مهندس بالقوات الجوية وأحيل إلى التقاعد بناء على طلبه بعد أن حصل على درجة الدكتوراه من إنجلترا ثم عمل في أبحاث الاتصال بالأقمار الصناعية والمركبات الفضائية خارج الغلاف الجوي كأستاذ زائر في جامعة ليبزيخ فيألمانيا الغربية وتعاقد معها لإجراء أبحاثه طوال عامين. اتفق معه باحثان أميركيان في عام 1988م لإجراء أبحاث معهما عقب انتهاء تعاقده مع الجامعة الألمانية، وهنا بدأت الخلافات مع باحثي الجامعة الألمانية وبدؤوا في مضايقته حتى يلغي فكرة التعاقد مع الأمريكيين، ونتيجة لشعورهم بالقلق كتب رسالة إلى الحكومة المصرية يطلب فيها حمايته، وتلقى اتصالاً من السلطات في القاهرة تطلب منه عودته فوراً إلى أرض الوطن. وقرر السفر إلى أحد أشقائه في مدينة الإسكندرية لاستكمال أبحاثه فيها، لكن الصدمة كانت عندما تلقت أجهزة الأمن بلاغاً عن سقوط شخص من أعلى عمارة فيما يبدو أنه انتحار، ووجدوا الغاز مفتوحاً في شقته وكذلك وجدوا وريد يده مقطوعاً أيضاً، لكن زوجته أكدت أن إحدى الجهات المخابراتيه وراء اغتياله. د. رمال حسن رمال (1951 - 1991): عالم فيزياء لبناني، ولد في لبنان ثم انتقل إلى فرنسا في سن الثامنة عشر ليبدأ مشواره العلمي، وفي العام 1973 حصل على شهادة الكفاءة في الرياضيات البحتة من جامعة جوزيف فورييه في غرونوبل، وفي العام التالي نال شهادتي الكفاءة في الفيزياء والكفاءة في الرياضيات التطبيقية من نفس الجامعة، وفي عام 1977 حصل على شهادة الدكتوراه حلقة ثالثة في الفيزياء قبل أن يتم في عام 1981 الدكتوراه الدولية من جامعة فورييه نفسها. عمل رمّال في مجال المادّة المكثّفة (matière condensée) والفيزياء الإحصائيّة والنظريّة في مركز البحوث حول درجات الحرارة الشديدة الانخفاض في غرونوبل. وفي عمر الأربعين توفي رمال في ظروف مريبة حيث حصلت في المختبر ووسط الأبحاث العلمية، ولم تسمح السلطات الفرنسية التي رافقت جثمانه إلى لبنان بالكشف عليه، ولم تستبعد وجود أصابع خفية في حادث الوفاة. د. حسن كامل صباح (1894- 1935): مخترع لبناني، تنسب إليه عشرات الاختراعات التي سجلت في 13 دولة كبرى، بالإضافة إلى العديد من النظريات الرياضية في مجال الهندسة الكهربائية، اكتسب صباح لقب "أديسون العرب" وكان يعمل في البالونات واغترب في أميركا لدراسة الهندسة الكهربائية. في عام 1927 توجه إلى أميركا حيث التحق بشركة الكهرباء العامة في ولاية نيويورك، وهناك بدأت رحلته مع العديد من الاختراعات في مجال إلكترونيّات القدرة والتي بلغت 26 اختراعًا منفردًا و9 اختراعات أنجزها بالتشارك مع بعض زملائه المهندسين الكهربائيين. وفي يوم الأحد 31 مارس 1935 توفي عن عمر 41 عاماً في حادث سيارة أثناء عودته إلى منزله، ودارت بعض الشكوك حول الحادث حيث عجز الأطباء عن تحديد سبب الوفاة خاصة بعد أن وجد على مقعد السيارة دون أن يصاب بأية جروح مما يرجح وجود شبهة جنائية.