عرف الإنسان رقعة الشطرنج قبل الميلاد بثلاثة آلاف سنة، لعبةٌ قدمت عبر آلاف السنين لتستقر على طاولاتنا فتيةً ما شاخت رغم هذا الزمن، فيلتقي على أطرافها المحترفون في لقاءات يسودها التحدي والنضال، توزع في نواحيها الأحجار فتأخذ مكانها الصحيح، وإلا ستنتهي اللعبة بالخسارة، ورغم أنها سيئة في سرقة الوقت وإحراقه إلا أنها مليئةٌ بالتأني والتفكير والتوزيع السليم، فلا يُقْدِمُ اللاعب على خطوة دون دراستها وحسابها. وأنا أتأمل حال هذه اللعبة أتساءل ماذا لو كانت منظماتنا رقعة شطرنج وفرق العمل بها أحجار اللعبة، هل سيكون لتوزيع الموظفين في مواقعهم التي تناسبهم دوراً في رفع الأداء وتحقيق الأهداف؟ إن كانت كذلك فعلينا أن نأخذ من هذه اللعبة حكمة التأني والتوزيع الصحيح للقوى العاملة وننقلها لواقعنا العملي في منظماتنا وأعمالنا؟ حينما نحسن فهم القدرات والمهارات التي يتمتع بها الموظف فإننا سنحسن -غالباً- توظيفه في المكان المناسب، وهذا مبدأ أصيل، فلا شك أن المهارة جزءٌ مهم، ولكنها في ذات السياق تتطلب وجود الرغبة، فالقدرة وحدها لاتكفي لتحقيق الأداء، وهنا أتساءل حول ذلك المسؤول الذي يستبعد تحقيق رغبات موظفيه المهنية، ظناً منه أنه يمارس الإدارة في شكلها الجاد، مما يجعل الموظف فارغاً معنوياً في وظيفته، فيؤثر بذلك على رغبته في العمل وسيتأثر الأداء تبعاً لذلك. كما أن للذكاء العاطفي الذي تحدث عنه دانيال كولمان دورٌ عميق في فهم مشاعر الموظف وتوظيفها بشكلٍ جيد، وقد استخدمت الإدارة أفكاره اللطيفة في وقتٍ مبكر وتنبهت لها، وإن كان هذا الذكاء فطرياً كما قيل إلا أنه قد ينمو بالاستشعار، فيكون أحد الأدوات التي تساعده في فهم وتوزيع العاملين لديه.