تجلس فيونا موتيس (16 سنة) في قاعة ذات ضوء خافت في ضاحية العاصمة الأوغندية كمبالا وتحدق في رقعة الشطرنج وتفكر ملياً في الخطوة التالية التي ستقوم بها. وتقول: «غيّرت الشطرنج حياتي، كنت أعيش من دون أمل، أما اليوم فلدي أمل، في إمكاني أن أصبح معلمة كبيرة»، وهو اللقب الأعلى رتبة في الشطرنج. وعلى رغم الأمل الذي تعيشه موتيس، فإن طريق مستقبلها لم يتضح لها بعد. فقد توفي والدها بعد إصابته بمرض نقص المناعة البشرية المكتسبة (الإيدز) بينما كانت في الثالثة من عمرها. وعاشت حياة قاسية في ضواحي كمبالا قبل أن تجوب العالم من سيبيريا إلى السودان للمشاركة في مسابقات الشطرنج. تقول: «لم تكن والدتي قادرة على دفع إيجار المنزل ونفقات الدراسة، فطردنا من منزلنا وأنا في السادسة من عمري، وصرنا ننام في الشارع». لكن لعبة الشطرنج غيرت مسار حياتها. ففي سن الثانية عشرة، تمكنت فيونا من تصدر بطولة أوغندا في الشطرنج للإناث دون العشرين سنة. وهي ما زالت حتى اليوم تتقدم اللاعبين واللاعبات في هذه الفئة العمرية. وهي الأوغندية الأولى التي ترشح للحصول على لقب معلم في الشطرنج في فئة الإناث. وصدر كتاب عن صعود نجمها في عالم الشطرنج، واشترت استوديوات «ديزني» حقوق قصتها لإعداد فيلم عنها. ومنذ سن التاسعة، اعتادت فيونا مرافقة شقيقها إلى نادي الشطرنج، لكنها لم تكن تفعل ذلك حباً باللعبة، بل بطبق الحلوى الذي كان يوزع هناك مجاناً. وتقول: «بعد ذلك تساءلت: «ما هي لعبة الشطرنج هذه؟»، وكان هذا السؤال فاتحة لاكتشاف موهبة كبيرة جعلتها تتغلب على خصومها. وبدأت بعد ذلك تعلم اللعبة على يد روبرت كاتندي الذي أصبح اليوم مدربها، وهو لاعب كرة قدم سابق أراد أن يعلم أطفال الشوارع لعبة الشطرنج لتنمية مهاراتهم العقلية. ويوضح أن لعبة الشطرنج كانت مجهولة تماماً لدى هؤلاء الأطفال، إذ أنها كانت حكراً على المدارس التي تضم النخبة الاجتماعية في البلاد، لكن تجاوب الأطفال الفقراء معها كان فورياً. وبالنسبة إلى أطفال يبحثون يومياً عن لقمة عيشهم وعن مكان ينامون فيه، تكتسب لعبة الشطرنج أهمية كبرى في تنمية مهاراتهم وثقتهم في أنفسهم، بحسب ما يرى كاتندي الذي يقول: «إنها ليست مجرد لعبة، بل طريقة لتحسين حياة الناس. في هذه اللعبة يواجه الشخص تحديات، وعليه أن يختار الخطوة الفضلى... إنه تمرين على الانضباط». بدأ النادي خطواته الأولى في الهواء الطلق، وكانت أحجار الشطرنج عبارة عن أغطية زجاجات. أما اليوم فيضم 63 عضواً، بينهم أطفال في الرابعة.