في أرض مكة ولد خير من وطأت قدماه الأرض وعلى تراب أم القرى نشأ وترعرع خير الورى محمد بن عبدالله صلى عليه وآله وسلم وحين اضطر مكرها لتركها قال عليه الصلاة والسلام كلمات تجلت فيها أسمى معاني حب الوطن: عَنْ عبداللَّهِ بْنِ عَدِيِّ ابْنِ الْحَمْرَاءِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ يَقُولُ وَهُوَ وَاقِفٌ بِالْحَزْوَرَةِ فِي سُوقِ مَكَّةَ: «وَاَللَّهِ إنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إلَى اللَّهِ، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ». وَتقجرت منها أصدق مشاعر الانتماء: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ لِمَكَّةَ:»مَا أَطْيَبَكِ مِنْ بَلَدٍ وأَحبَّكِ إلَيَّ، وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ». وبعد أن هاجر صلوات ربي وسلامه إلى المدينة كان يساوره الحنين إلى مكة لم تفارقه ولم يفارقها طرفة عين فلما تملكه الحنين دعا ربه: «اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد»؛ وحين قدم أصيل الغفاري إلى المدينة قال له: «يا أصيل! كيف عهدت مكة؟» قال: والله عهدتها قد أخصب جنابها وابيضت بطحاؤها وأغدق أذخرها وأسلت ثمامها فقال: «حسبك يا أصيل لا تحزنا». ونحن نحتفل بيوم الوطن لنا في رسول الله أسوة حسنة في محبة الوطن وعظمة الانتماء من جهتين: الأولى: أن محمداً نبي «لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى» لمن كان يرجو الله واليوم الأخر. الثانية: أن محمداً بشر «قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ ... « أحب وطنه وحزن على فراقه حتى أنه سأل ربه أن يعوضه وطناً يحبه كحب وطنه أو أشد حباً: إن أعظم نعمة أنعم الله بها على أهل المملكة العربية السعودية حكومة وشعباً أن خصهم الله بخدمة وطن رسول الله الأول مكة وخدمة وطنه الثاني المدينة وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء: في موطني بزغت نجوم نبيهِ والمخلصون استشهدوا في حماهُ في ظل أرضك قد ترعرع أحمد ومشى منيب داع مولاهُ يدعو إلى الدين الحنيف بهديه زال الظلام وعززت دعواهُ في مكة حرم الهدى وبطيبةٍ بيت الرسول ونوره وهداه