في المثل الشهير: أنت ما تأكل.. الغذاء الذي تستمر عليه يصنع جسدك إلى المستوى الخلوي. كل لقمة تشكل جسدك وصحتك الجسدية. كذلك التفكير، فأنت ما تفكر فيه. الأفكار التي تدور في ذهنك وتسُود على غيرها تصنع نفسيتك وتبرمج دماغك. كل فكرة تشكل خلايا مخك وصحتك النفسية. إذا كنت دائم التفكير في الموت فستراه في كل زاوية. إذا كان جل تفكيرك في المرأة أو الرجل فسترى الحجر إنساناً. إذا كانت الأفكار تحتقر الذات وتصنع الصعاب فهكذا ستكون نظرتك للحياة كلها، بل إن البعض من شدة طغيان السلبية على تفكيره أساء الظن بالله ورأى أنه لن يأتيه منه إلا كل سوء، كما في الآية: (الظانين بالله ظن السوء). الكثير من المشكلات يأتي من الكبرياء والشعور أن الغير اعتدى عليه بشكلٍ ما، وهذا الشعور يتضخم لدينا خاصة لأن العرب من صفاتهم الانفعال وسخونة المشاعر، لذلك نحن أحرى من الكثير من الأمم الأخرى أن نحاول ضبط هذه القوة المضطرمة المضطربة في جوفنا، ومن أكثر ما يتصارع معه الناس من المواقف المُغضبة وقتُ القيادة، فهذا شيء صار واقعاً يومياً، البعض صار يتعامل مع هذه المواقف ببرودة وهدوء ولا ينفعل إلا في أحيان نادرة، والبعض ينفجر من أدنى خطأ ويفسّر كل شيء أنه اعتداء متعمد عليه شخصياً. أيضاً مع انتشار تقنية التواصل الحديثة كثر اللوم إذا أرسلت رسالة أو اتصالاً ولم يأت رد أو تأخر عليك، والتفسيرات تسيء الظن. المقلق في هذين الأمرين خاصة (القيادة والتواصل) أنها تحصل باستمرار كل يوم، فصارت مصدراً لتفكيرك ومشاعرك، وسواء سلبية أو إيجابية، فمثل كرة الثلج ستتعاظم حتى تصير جبلاً. جلس شيخ من الهنود الحمر مع حفيده وقال: يا بني، في داخلي وداخل كل إنسان معركة، كل شخص لديه ذئبان يصطرعان في قلبه، أحد الذئبين هو الشر، إنه الغضب، والحسد، والأسى، والندم، والكبر، والجشع، والنقص، والكذب، والغطرسة. أما الذئب الثاني فهو الخير، إنه الفرحة، والسلام، والحب، والأمل، والسكينة، والتواضع، والود، والعطاء، والتشاعر، والكرم، والصدق، والتعاطف، والإيمان. فكر الصغير قليلاً ثم سأل: وأي الذئبين سينتصر يا جدي؟ رد الشيخ: الذئب الذي تطعمه.